للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جور فيه ولا ظلم بوجه، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له» (١).

وبهذا يتضح كمالُ الإسلام، وعدلُه، وسماحتُه، وشمولُ أحكامه لسائر الحالات من حرب أو سلم.

رابعاً: وأمّا حديث (أمرت أن أقاتل النّاس) فهو حديث صحيح، إلا أنّه ليس على عمومه، لورود أدلة أخرى تعارض العموم.

وقد أجيب عن التعارض الظاهر بإجابات منها: احتمال نسخ الحديث بالآية التّاسعة والعشرين من سورة التّوبة.

ومنها أنّ المراد بالنّاس؛ المشركون والوثنيون دون أهل الكتاب، فيكونُ من باب العام الذي يراد به الخاص.

ومنها أنّ المقصود بالقتال؛ نفسُه أو ما يقومُ مقامه كالجزية والصلح.

ومنها -وقد استحسنه ابن حجر- أنّ الغرض من ضرب الجزية إلجاء الكفار إلى الإسلام، وسببُ السببِ سببٌ، فكأنّه قال: حتى يسلموا أو يلتزموا بما يؤديهم إلى الإسلام (٢).

خامساً: وأمّا استدلالهم بحديث (أعطيت خمساً)، وفيه النّصر بالرعب، فمرده جهلهم بالكتاب الذي يقدسونه.

فإنّ فيه شواهدَ كثيرةً تُبين أنّ الله ينصر أولياءه بإلقاء الرّعب في قلوب أعدائهم.

ومن ذلك النّصّ التّالي من سفر الخروج: (مَن مِثلك بين الآلهة يا رب؟ مَن مِثلك معتزاً في القداسة مخوفاً بالتّسابيح صانعاً عجائب؟، تمد يمينَك فتبتلعهم الأرض، تُرشد برأفتك الشعبَ الذي فديته، تهديه بقوتك إلى مَسكن قدسك، يسمعُ الشعوبُ فيرتعدون، تأخذُ الرعدة سكانَ فلسطين، حينئذ يندهش أمراء أدوم، أقوياءُ مواب تأخذهم الرجفة، يذوبُ


(١) المرجع السّابق، نفس الصّفحة.
(٢) انظر: التعامل مع غير المسلمين، الطريقي، ص١١٦ - ١١٧.

<<  <   >  >>