للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميعُ سكان كنعان) (١).

وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نصر بالرّعب مسيرة شهر على المعادين لدين الله تعالى، فإنّ هذه العقوبة قد سلطت على بني إسرائيل لسنوات، كما في نص المزامير: (فأَفنى أيامَهم بالباطل وسنيَّهم بالرعب) (٢).

والأمر على كل حال كرامة ثابتة لأولياء الله، وعقوبة ثابتة في حق أعداء الله.

وقد ورد الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قفل من غزوة تبوك وقد نصره الله على الرّوم بالرّعب فجبنوا عن ملاقاته (٣).

سادساً: وأمّا حديث (فاضطروهم إلى أضيقه)، فهو صورة أخرى لما سبق ذكره من أنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين القائمين بشرعه أيًّا كانوا.

فمن آمن واتبع كان حقيقاً بالإكرام والاحترام، ومن كفر لم يكن أهلاً لشيء من ذلك.

فلا يُكرم الكافر بأن يُبدأ بالسّلام، أو يترك له وسط الطريق، ولكنْ متى سلّم شُرع الرّد عليه، وقد اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلّموا، ولكنْ بعبارة (وعليكم) (٤).

وليس في هذا الحديث تشريع لإيذاء غير المسلم والاعتداء عليه.

ولذا يقول القرطبي في شرح هذا الحديث: «معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيِّق إكراماً لهم واحتراماً، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حَرَفِه حتى يضيق عليهم، لأنّ ذلك أذى


(١) الخروج ١٥: ١١ - ١٥. والشواهد كثيرة غير ما ذكر، كما في التثنية ١١: ٢٥، وأخبار الأيام الثّانية ١٤: ١١ - ١٤، وأستير ٨: ١٧، وغيرها. (والنصوص من ترجمة الفانديك)
(٢) المزامير ٧٨: ٣٣. (ترجمة الفانديك)
(٣) انظر: شرح سنن ابن ماجة، مغلطاي الحنفي ١/ ٦٩٤. (طبعة مكتبة نزار الباز، ط١، ١٤١٩هـ، حسب فهرسة المكتبة الشّاملة).
(٤) انظر: شرح صحيح مسلم، النووي ١٤/ ١٤٤.

<<  <   >  >>