للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١)، فإذا أتاك كتابي هذا فادع حسّان بن زيد - يعني ذلك الكاتب - إلى الإسلام فإنْ أسلمَ فهو منا ونحن منه، وإن أبى فلا تستعن به ولا تتخذ أحداً على غير دين الإسلام في شيء من مصالح المسلمين. فأسلم حسّان وحسن إسلامه) (٢).

الفرع الثاني: الرد على الشبهة الثانية

خلاصة هذه الشبهة الطعنُ في أهداف فريضة الجهاد في الإسلام، والقولُ بأنها متلخصة في إبادة الكافر، واغتنام نسائه وولده وماله وأرضه.

وقبل مناقشة هذه المقالة المتعلقة بأخلاقيّات الجهاد في الإسلام من حيث الغاية والأهداف؛ يحسن مناقشة أصل هذه الفريضة: هل هي ابتداع في الإسلام، أم امتداد للشرائع السّابقة؟

إذا قرأنا الكتاب النصراني المقدس وجدنا فيه أنّ الجهاد ضد الكفار فريضةٌ أوجبها الله على أنبياء بني إسرائيل، وذلك في نصوص كثيرة من سفر التثنية، وسفر الخروج، وغيرهما (٣).

وفي القرآن الكريم خبر حوار موسى - عليه السلام - مع قومه بعد امتنان الله عليهم بإهلاك فرعون وجنوده، وكيف أنّه رغّبهم في القيام بفريضة الجهاد، ليتمكنوا من دخول الأرض المقدسة، لكنّهم جبنوا فعاقبهم الله بالتيه أربعين سنة.

وفيه خبر طلب الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى أن يرسل لهم ملِكاً يقودهم لجهاد أعدائهم الكفار، فأرسل الله لهم طالوتَ، فجبنوا واعترضوا عليه، ولم يثبت منهم إلا القليل، وكان فيهم داوود - عليه السلام -، الذي قتل جالوتَ، فكُتب لهم النصر.


(١) سورة المائدة، الآية ٥٧.
(٢) انظر: أحكام أهل الذمة، ابن القيم ١/ ٤٥٩.
(٣) انظر على سبيل المثال: التثنية ٢٠: ١٠ - ١٧، ٧: ١ - ٢، ١٣: ١ - ١٦، ١٧: ٢ - ٥، والخروج ٢٣: ٢٣ - ٢٤، ٣٤: ١٢ - ١٣، ٢٢: ٢٠. وانظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي ٤/ ١٢٥٩ - ١٢٧٠.

<<  <   >  >>