للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فإنّ هذه الشعيرة فرضت في الإسلام كما فرضت في اليهوديّة والنصرانيّة من قبل، فلا وجه للاعتراض على أصل وجودها.

ثم الأمر الثاني الذي نناقشه هنا، الفرق بين أخلاقيّات الجهاد في الإسلام، وفيما سبقه من الأديان، مع التّركيز على اليهوديّة والنّصرانيّة وفق ما جاء في الكتاب المقدّس.

لقد أمر الله نبيه في الكتاب المقدس أن يعاملَ ستَّ قبائلَ بقتل كلِّ حيٍّ منهم بحد السّيف، ذكراً كان أم أنثى، كبيراً كان أم طفلا، بما يسمى في عرف النّاس اليوم الإبادة الجماعيّة (١). وأمّا باقي القبائل فيدعون إلى الصلح والطّاعة ودفع الجزية، فإن لم يذعنوا وجب جهادهم، وقتلُ كل ذكورهم، وسبيُ النساء والأطفال، ونهبُ الدواب والأموال، وتوزيعُها على المجاهدين.

يقول النص في الكتاب المقدس: (وإذا تقدمتَ إلى مدينةٍ لتقاتلها، فادعها أولاً إلى السِّلم، فإذا أجابتك بالسلم وفَتحت لك أبوابَها، فكلُّ القومِ الذي فيها يكونُ لك تحت السُّخرة ويخدِمك. وإن لم تسالمك، بل حاربتك، فحاصرتها، وأسلمها الربُّ إلهُك إلى يدك، فاضرب كلَّ ذكرٍ بحد السيف. وأما النساءُ والأطفالُ والبهائمُ وجميعُ ما في المدينة من غنيمة، فاغتنمها لنفسك، وكُلْ غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك إياها. هكذا تصنع بجميع المدن البعيدة منك جداً والتي ليست من مدن تلك الأمم هنا. وأما مدنُ تلك الشعوب التي يعطيك الربُّ إلهُك إياها ميراثاً، فلا تستبقِ منها نسمة، بل حرمهم تحريماً: الحِّثيين والأمُّوريين والكنعانيين والفَرِزِّيين والحُوِّيين واليبوسيين، كما أمرك الرب إلهك) (٢).

وفي نص العدد ٣٣: ٥١ - ٥٦، يأمر الله بني إسرائيل إذا تجاوزوا نهر الأردن أن يبيدوا كل سكّان الأرض، ويدمروا دور عبادتهم، ويكسروا أصنامهم. وهذا أيضاً شكل من


(١) عرّفت اتفاقيّة الإبادة الجماعيّة عام ١٩٤٨م مفهوم الإبادة الجماعيّة بأنّه: "نية التّدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قوميّة أو إثنيّة أو عنصريّة أو دينيّة بصفتها هذه". انظر: قاموس الأمن الدولي، بول روبنسون، ص١٢٥.
ومن صور الإبادة الجماعيّة ما يسمى بالتطهير العرقي، وهو: سياسة إزالة جميع أفراد جماعة عِرقيّة معينة من منطقة معينة، وذلك بقتل أفراد الجماعة المستهدفة. انظر المرجع نفسه، ص١١٠.
(٢) التثنية ٢٠: ١٠ - ١٧.

<<  <   >  >>