للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى هؤلاء قبل أنْ يسألوا عن تفسير العقوبات الجسديّة في الإسلام أن يفسروا ما في العهد القديم من أمثالها (١).

وعليهم أن يفسروا تفوقها في القسوة.

فالقاتل العمد في الإسلام يجوز لأوليائه أن يعفوا عنه ويأخذوا الدية، أو القصاص مثل ما فعل بالمقتول.

وأما الكتاب النصراني المقدس فإنّه يجازي القاتل بالقتل مع التمثيل بجثته، ولا يبيح العفو وأخذ الدّية (٢).

وإذا اعترض المجادل على هذه الإيرادات بأنّها من العهد القديم، وقد نسخه العهد الجديد، فإنّ الذي قال بالنّسخ "بولس"، وأمّا صاحب الرسالة عيسى - عليه السلام - فقد قال -كما في إنجيل متّى، ٥: ١٧ - ١٩: (لا تظنوا أني جئتُ لأبطل الشريعة أو الأنبياء، ما جئتُ لأبطل، بل لأُكْمِل. الحقَّ أقول لكم: لن يزول حرفٌ أو نقطةٌ من الشريعة حتى يَتمَّ كلُّ شيء، أو تزولَ السماء والأرض. فمن خالف وصيةً من أصغرِ تلك الوصايا وعَلَّم الناس أن يفعلوا مثله، عُدَّ الصغيرَ في ملكوت السموات. وأما الذي يعملُ بها ويعلِّمها فذاكَ يُعَدُّ كبيراً في ملكوت السموات).

فإن كانوا على دين "بولس" فليعترضوا، وإن كانوا أتباعاً للمسيح فيلزمهم كل ما في النّاموس، وهو شريعة موسى - عليه السلام -.

وتتمة النص السّابق من إنجيل متّى توضح هذا، فإنّ المسيح يقرر ما في التوراة من أحكام القصاص من القاتل، وتحريم الزنا، وتحريم أخذ أموال الغير بغير حق، والقصاص في الأعضاء؛ العين بالعين والسن بالسن، وغير ذلك. ثم يضيف عليها المسيح مفاهيم أوسع، مع الإبقاء على أصل الأحكام (٣).


(١) انظر: أجوبة الأسئلة التشكيكيّة، عبد الرحمن بن حبنكة الميداني، ص٨٣.
(٢) صموئيل الثّاني ٤: ١١ - ١٢، والعدد ٣٥: ٣١ - ٣٤.
(٣) انظر الإصحاح الخامس من إنجيل متّى، المسمّى موعظةَ الجبل، أو عظة يسوع الكبرى.

<<  <   >  >>