للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا الحال مع باقي المعاصي المرتَّب عليها حدودٌ شرعية. وتفصيل هذا الأمر يحتاج لبحث مستقل.

رابعاً: ليست العقوبة في الإسلام غايةً في ذاتها، بدليل درء الحدود بالشبهات، والحث على الاستتار بستر الله لمن وقع في شيء منها، وبيان فضل من ستر مسلماً.

فالحدود المقدرة شرعاً تسقط ولا تقام عند وجود شبهة أو التباس بالفعل أو المحل، شريطة أنْ تكون الشّبهةُ قويةً، وأن لا تكون في حقوق العباد (١).

ومن وقع في شيء منها فتاب واستتر بستر الله كُفِي، بنص قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها فمن ألمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله, فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) (٢).

وقد جاء الحث على ستر المسلم، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة) (٣).

خامساً: يوفر الإسلام للمتهم الضمانات الكافية بحيث لا يؤخذ بشيء لا يستحق المؤاخذة عليه، أو لم يثبت عليه ثبوتاً قطعيًّا.

فلا يجوز تطبيق الحدّ إلا إذا كان مرتكب الجريمة بالغاً عاقلاً عالماً بالتّحريم (٤).

وهناك من الضّوابط المشدّدة في إثبات هذه الجرائم على مرتكبيها ما يمنع وقوع الخطأ. ففي حالة الزنا -مثلاً- لا يقام الحد على الزّاني إلا إذا أقرّ به أربع مرات، أو شهد عليه أربعة شهود عدول رأوا فعل الزنا صريحاً بأم أعينهم.

وهكذا باقي الحدود.


(١) انظر: موسوعة القواعد الفقهيّة، محمد صدقي بن أحمد البورنو ٥/ ٩٧.
(٢) رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، وصححه الألباني. انظر له: السلسلة الصحيحة ٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٣) رواه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ح٢٤٤٢، ص٥٩١. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، ح٢٥٨٠، ١/ ١١٩٩.
(٤) انظر: الملخص الفقهي، الفوزان ٢/ ٤١٦ - ٤١٧.

<<  <   >  >>