وإذا انتقلنا إلى السؤال الثالث، فإنّ العقل والمنطق والفطرة تؤيد أحكام العقوبات المفروضة في الإسلام.
فكيف تكون العقوبة عقوبةً إلا إذا كانت رادعة زاجرة؟!
وكيف يُقبل من الطّبيب بتر عضو من جسد المريض لاستبقاء باقيه، ولا يقبل القصاص من القاتل لاستبقاء باقي المجتمع؟!
وإذا كان الوالد يضرب ابنه لغرض التأديب فيُستحسن منه الفعل، فالحال نفسه مع جلد شارب الخمر، والقاذف، والزّاني غير المحصن، ونحو ذلك.
وكيف يأمن النّاس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم إذا لم تقم الحدود؟!
إنّ النّاظر إلى جريمة الزنا وما فيها من خلط الأنساب وإهلاك الحرث والنّسل، وفاحشة اللواط وما فيها من شذوذ واعتداء، وجريمة القذف وما ينتج عنها من تدنيس أعراض المسلمين وتلطيخ جانب الأبرياء وإشاعة الفحش في المجتمعات، وجريمة السُّكر وما ينتج عنها من إذهاب العقول ومقارفة المساوئ، وجريمة القتل والحرابة وما تذهبه من الأمن والاستقرار؛ ليحمد الله تعالى على ما شرّع من حدود وعقوبات زاجرة.
إنّ الذي يشفق على القاتل من حد السيف، ويتعامى عن المقتول الذي فقد حياته، وخلّف وراءه زوجة قد ترمَّلت، وأبناءً قد تيتَّموا، وحرموا مصدر أنسهم وإعالتهم؛ إنّه لشخص قد جانب الصّواب، وتنكّب سبيل العدل والإنصاف.
وأمّا التساؤل الرّابع فتجيب عنه الإحصاءات الرّقميّة.
توضِّح جداول مقارنات الجرائم في موسوعة ويكيبيديا تضاعف أعداد جرائم القتل في البلدان النصرانيّة عنها في البلاد الإسلاميّة، وخصوصاً تلك التي تطبق الحدود الشرعيّة (١).
والنّاظر في أعداد الجرائم في البلاد النّصرانيّة تهوله الأرقام. ففي الولايات المتحدة الأمريكيّة سقط أكثر من ٦٦٦ ألف قتيل خلال ستة وثلاثين عاماً، من الفترة ما بين عام
(١) انظر: ar.wikipedia.org، مفردة: جريمة؛ تصنيف فرعي: قائمة الدول حسب معدل جرائم القتل.