للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكونية كلها إلى قوانين الطبيعة العمياء فراراً من نسبتها إلى إله الكنيسة.

ويشيد الفيلسوف الملحد برتراندرسل بالأثر الداروينى في هذا المجال قائلاً:

(بالرغم من أنه لا يزال في إمكان الفيلسوف أو عالم، اللاهوت أن يقول: إن لكل شئ غرضاً ظهر أن الغرض ليس فكرة نافعة، حين نبحث في القوانين العلمية، وقد قيل في الإنجيل: إن القمر قد خلق لينير بالليل، ولكن العلماء مهما كانوا متدينين لا يعتبرون ذلك أيضاحاً علمياً لأصل القمر، ولقد كان عمل داروين فاصلاً بهذه المناسبة، فالذي فعله جاليلو ونيوتن من أجل الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة).

(إن الذي جعل من الممكن تفسير التكيف دون الكلام عن الغرض، لم يكن حقيقة التطور، بل كان الميكانيكية الداروينية كما تتضح من تنازع البقاء وبقاء الأصلح، فالاختلاف الاعتباطي واختيار الطبيعة لا يستخدمان إلا العلل الصورية) (١).

ونجم عن ذلك أن أهملت العلوم الغربية بجملتها فكرة (الغائية)، بحجة أنها لا تهم الباحث العلمي ولا تقع في دائرة عمله، وتحللت علوم الطب والفلك والجيولوجيا والأحياء وسائر العلوم من التأثيرات الدينية -كما سيأتي في فصل علمانية العلم- وأدى الإيمان بهذه الفكرة إلى اعتناق فكرة هزيلة لا قيمة لها ولا وزن في حساب العلم، تلك هي فكرة المصادفة، فبعد أن أبطل (باستور) أسطورة (التولد الذاتي) إلى الأبد، لم يجد دعاة الإلحاد والهاربون من الدين ما يسترون به عورتهم إلا هذه النظرية التافهة.


(١) أثر العلم في المجتمع (١٢، ١٣).

<<  <   >  >>