للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القمة في الدولة البروسية - التي كانت معاصرة لهيجل - ففيها تجسد المطلق والحرية والألوهية!! (١)

وعلى الرغم من النقد العاصف الذي تعرضت له النظرية من قبل أنصار النظريات الأخرى بسبب تقديسها الزائف للاستبداد، فقد كان لها أثر بالغ -لا سيما- في نفوس الألمان الذين ظلوا على استعداد للانقياد لحكومة ديكتاتورية يرون فيها تجسيداً لأعلى مثلهم القومية فكان بسمارك في القرن الماضي وهتلر في القرن العشرين.

واشتق منها ماكس فيبر نظريته في الكاريسما، ومعناها -عنده- القوة الخاصة التي منحتها الطبيعة للقلة المختارة للدلالة على الزعماء الذين يقوم نفوذهم على اعتقاد عام عند الناس بأن روحهم من روح الله مثل يوليوس قيصر ونابليون (٢).

وهذه النظرية -رغم أن عداوتها للدين ليست كسابقتها- ألحقت بالدين ضرراً بالغاً بتمسحها به وانتسابها اللفظي إليه وادعاء أن طواغيتها يستمدون سلطتهم من تفويض الله لهم، إذ نجم عن ذلك رد فعل عنيف ضد الدين من قبل من يسمون دعاة الحرية الذين وجدوا في هذه الدعوى فرصة لمهاجمة الأديان متذرعين بأنها تبارك الطغيان وتقدس الدكتاتورية.

والحق الذي لا مرية فيه أن الحكام الذين مارسوا الطغيان متسترين بهذه الدعوى هم أبعد ما يكون عن تنفيذ القانون الإلهي أي الحكم بما أنزل الله، فوق أنهم لا يستطيعون إقامة الدليل على أن الله منحهم الحق في التسلط على الأمم وإذلال الشعوب باسمه.


(١) انظر الفكر السياسي: (٢٨١).
(٢) انظر الاجتماع لماكيفر وزميله: (٢٩٥).

<<  <   >  >>