للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصفة خاصة أصبح المحور الرئيسي للسياسة الدولية؛ بسبب الأوضاع التي كانت تعيشها القارة الأوروبية.

ففي هذه الفترة شهدت الحياة الأوروبية انهيار نظام اجتماعي، وقيام نظام آخر محله، لقد انهار الإقطاع وولدت الرأسمالية.

كان النظام الإقطاعي الذي ألمحنا عنه سابقاً يمثل صورة بشعة لإهدار الكرامة الإنسانية والحط من قيمة الإنسان، واستعباده بفظاعة لأناس من بني جنسه تجردوا من المعاني الإنسانية النبيلة.

كان الإنسان في ظل هذا النظام مستعبداً لسلطتين غاشمتين: سلطة السادة الإقطاعيين، وسلطة رجال الدين فالسيد يملك الإقطاعية بمن عليها من الفلاحين، ويسن لها القوانين ويفرض عليها العقوبات كما يشاء -أي: أنه كان يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد.

أما رجل الدين فيبارك الاستعباد بحجة أنه نتيجة للخطيئة الأولى، ويشارك السيد في تسخير العبيد لمصلحته الشخصية، إذ أن الكنيسة -كما سبق أن أوضحنا- جزء لا ينفك من النظام الإقطاعي، وفي ظل هذا الواقع المزري انبعث هنالك حركتان لهما أهمية قصوى في التاريخ الأوروبي: الحركة العلمية، والحركة الإصلاحية الدينية، وغير خاف الأثر الإسلامي فيهما وظهرت الطبقة البرجوازية مستندة إلى أقوال لوثر وكالفن، ومستفيدة من ثمار التقدم العلمي التجريبي، وظل دور هذه الطبقة محدوداً حتى بدأ ما يسمى الثورة الصناعية؛ حيث بدأ المصنع يستأثر بما كان للأرض من قيمة ونفوذ، واشتد التنافس بين رجال الصناعة في المدن والملاك الزراعيين في إقطاعيات الأرياف.

وكانت الصناعة آنذاك تحتاج إلى أيد عاملة متوفرة ورخيصة، والعمال

<<  <   >  >>