للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناحي الحياة، بل مهدت لرفضه رفضاً باتاً حتى في صورته الوجدانية المجردة.

وبواسطة قانون الانتخاب الطبيعي وتنازع البقاء المفضي إلى بقاء الأنسب بعثت الداروينية النزعة المكيافيللية كما أسلفنا، فلقد كان صراع الدول القومية في العصر الحديث الذي يشبه في مظهره صراع أنواع الكائنات الحية مدعاة لتبرير المكيافيللية بل لتبنيها وتطبيقها، ويؤكد ذلك كريستيان غاوس في مقدمته لكتاب الأمير إذ يقول عن الكتاب:

اختاره موسوليني في أيام تلمذته موضوعاً لأطروحته التي قدمها للدكتوراة، وكان هتلر يضع هذا الكتاب على مقربة من سريره، فيقرأ منه في كل ليلة قبل أن ينام، ولا يدهشنا قول ماكس ليرز في مقدمته لكتاب أحاديث أن لينين واستالين أيضاً تتلمذوا على مكيافيللي (١).

وتتجلى الروح المكيافيللية بوضوح في قول إنجلز: "إن الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي إلى انتصار مبادئنا، مهما كان هذا العمل منافياً للأخلاق المعمول بهاً".

وقول لينين: "يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل. فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية" (٢).

أما الرأسمالية فلا تخفي أبداً حقيقتها المكيافيللية، بل إن


(١) الأمير: (١٨ - ١٩)، المقدمة.
(٢) عن اشتراكيتهم وإسلامنا بشير العوف: (٣٦، ٣٧).

<<  <   >  >>