للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها الفرد داخل كيان المجموع، كما نرى في الحركة المزدكية (١) نموذجاً لمجتمع شيوعي تطبيقي.

والحق أن الجاهلية -كعادتها الدائمة في التذبذب والتطرف- قد عانت ولا تزال مشكلة العلاقة بين الفرد والمجتمع، ولم تهتد إلى حل وسط لها، وأنى لها ذلك؟! ففي أوروبا الحديثة كان الواقع الذي نجم عن تطبيق المذهب الفردي الحر دافعاً لبعض ذوي النوايا الحسنة إلى فكرة تنظيم المجتمع على أساس من عدالة التوزيع سميت لأول مرة: الاشتراكية.

وترجع نسبة هذه الفكرة إلى عدد من الباحثين وأبرزهم روبرت أوين وسان سيمون وفورييه، وهم طليعة المفكرين الاشتراكيين في الغرب، والشيوعية تسمى اشتراكيتهم الاشتراكية الطوبوية لأنها تميل إلى الخيال، أما اشتراكية (ماركس) فهي الاشتراكية العلمية الوحيدة في التاريخ.

ومع ذلك فالشيوعية الماركسية تدين لهم بالفضل، وتقر بأثرهم عليها، يقول أنجلز: "إن الاشتراكية النظرية لن تنسى قط أنها قامت على أكتاف سان سيمون وفورييه وأوين، ثلاثة رجال رغم كل مفاهيم الخيالية وكل طوبياتهم يقفون بين أعظم المفكرين في كل العصور، والذي تنبأت عبقريتهم بالكثير مما نثبت نحن صحته علمياً" (٢). وذلك هو المصدر الأول من مصادر الفكر الشيوعي.

والمصدر الثاني هو "الفلسفة المثالية الألمانية" التي أخذت عنها الشيوعية الكثير، لا سيما المبدأ الرئيسي الجدلية الذي ميز المادية الشيوعية عن الماديات الأخرى، يقول إنجلز:


(١) المزدكية: فكرة شيوعية نشأت في بلاد فارس قبل الإسلام انظر الملل والنحل، وغيره.
(٢) حرب الفلاحين في ألمانيا: (٢٢).

<<  <   >  >>