للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجو الأوروبي المشحون بالضيق والتبرم من الكنيسة والطائفة الكهنوتية العليا، تلك التي أضافت إلى الطغيان والتحكم وقوفاً مستمراً مع الاستغلاليين والمحتكرين ضد البائسين، ومع الخرافات والأساطير ضد العلم والرقي المادي، واستطاعت الشيوعية استغلال الغضبة الهائجة والنفاذ إلى عقول السذج، فوجهت العداوة العارمة على الكنيسة إلى ثورة هوجاء على الدين ذاته.

إن دراسة الاقتصاد الشيوعي بمعزل عن الفلسفة الشيوعية في إطارها العام ليس إخلالاً بالموضوعية العملية فحسب، بل هو ضرب من إضاعة الجهد فيما لا طائل تحته، لا سيما إذا كان الهدف من الدراسة إيضاح نوع علاقة هذا الاقتصاد بالدين.

والواقع أن مؤلفات الإلحاد الشيوعي هي كتب اقتصادية شيوعية، كما أن الكتب الاقتصادية الشيوعية هي كتب إلحاد بالدرجة الأولى، بحيث لا يمكن الفصل بينهما، ولذلك كان لابد من عرض المذهب الاقتصادي للشيوعية ممزوجاً بفلسفتها العامة.

وتبدأ نظرة الشيوعية إلى الدين في التميز عن سواها من أول نقطة على الطريق من الإلحاد ذاته، فالشيوعية تصر على أن لها إلحادها الخاص، وهو في نظرها إلحاد إيجابي يقول غارودي: "أما الإلحاد الماركسي فهو في جوهره إنسي (أي إنساني النزعة)، منطلقه ليس رفضاً، بل هو تأكيد استقلال الإنسان، أما نتيجته فهي رفض كل محاولة لحرمان الإنسان من قدرته المبدعة والمبدعة لذاتهاً".

<<  <   >  >>