للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول في تفصيل ذلك: "إن ما يميز الإلحاد الماركسي البحت هو أنه على خلاف سابقيه، لم يكتف باعتبار الدين خديعة فحسب اصطنعها المستبدون، أو مجرد وهم ولده الجهل، بل إن ماركس وإنجلز قد بحثا عن الحاجات الإنسانية التي تلبيها الأديان بهذه الصورة المخادعة، فوصلا -كما يقول ماركس- إلى أن الأديان هي في وقت واحد: انعكاس لشقاء فعلي واحتجاج على هذا الشقاء.

هذه الحقيقة التاريخية (أن الدين انعكاس لشقاء فعلي) هي التي يلخصها ماركس في تعبير مقتضب "الدين أفيون الشعوب" (١)

وجرياً مع المادية الجدلية وتطبيقاً للتفسير الاقتصادي للتاريخ حول علاقة الفكر بالوجود ترى الشيوعية أن الفكر البشري انعكاس للواقع المادي، فالمادة هي الأساس الوحيد وعنها ينبثق الفكر وتنبثق المشاعر والأحاسيس، ومن هذه المشاعر الدين نفسه.

أي أن وجود الناس هو الذي يحدد مشاعرهم وليس العكس.

وعند تفسير الدين على هذا الأساس يقول إنجلز: "من الأزمنة الموغلة في القدم إذ وصل الفكر بالناس وهم بعد في جهل تام ببنياتهم الجسدية الخاصة وتحت تأثير أحلامهم - إلى القول بأن أفكارهم وأحاسيسهم ليست من فعل أجسادهم ذاتها، بل من فعل روح خاصة تسكن هذا الجسد وتفارقه لحظة الموت، منذ ذلك الحين اضطروا لأن يصطنعوا لأنفسهم أفكاراً عن علاقات هذه الروح مع العالم الخارجي.

وعلى هذا النحو تماماً - عن طريق تشخيص القوى الطبيعية - ولدت الآلهة الأولى التي اتخذت خلال التطور اللاحق شكلاً غير


(١) ماركسية القرن العشرين: مقتطفات: (١٤٤ - ١٤٦).

<<  <   >  >>