فيه، وربما كان هناك ما يسوغ هذا الانزعاج عندما نرى في الولايات المتحدة الأمريكية مظاهر تحديد مستويات الحياة الاجتماعية، بتأثير الإعلان والدعاية العريضة والغذاء الرتيب الذي تقدمه برامج محطات الإذاعة، وإنتاج السينما في هوليود، وقد أدت السيطرة على عقول الناس بهذه الكيفية إلى تضييق الحدود التي يعمل في نظامها كل من المنتج والكاتب والعامل والممثل، كما حَدَّت من مال الجماهير وأذواقها بحيث لا تتعدى الحواجز التي أقيمت حولهاً (١).
ويتحدث الدكتور كاريل عن الاستعمار الذي يمارسه الرأسماليون بطريق الدعاية فيقول: "تتأثر حياتنا بالإعلانات التجارية إلى حد كبير، وهذا اللون من الدعاية يهدف إلى تحقيق مصلحة المعلنين أكثر من مصلحة المستهلكين، مثال ذلك لقد أوهمت الدعاية الجمهور أن الخبز الأبيض أفضل من الخبز الأسمر، وهكذا ينخل الدقيق مرة بعد أخرى ليجرد من عناصره الغذائية النافعة، ومعالجة الدقيق على هذا النحو يجعل في الإمكان الاحتفاظ به فترات أطول، كما يسهل صناعة الخبز، وبذلك يستطيع أصحاب المطاحن والمخابز أن يحصلوا على نقود أكثر بينما يطعم المستهلكون بخبز أردأ، وهم يعتقدون أنه خبز ممتاز، ومن ثم فإن سكان البلاد الذين يتخذون من الخبز غذاءً أساسيا آخذون في الانحطاط والتدهور.