ألا تتوقف الأزمات العالمية على الفرد والعوامل الاجتماعية الأكثر أهمية من العوامل الاقتصادية؟." (١)
لقد فطن الدكتور كاريل إلى أن الأمر أعمق من أن يكون مشكلة اقتصادية؛ ولكنه لم يستطع أن يقع على السر الحقيقي لأزمة الإنسان المعاصر، وهو أنه يعبد غير الله ويحتكم إلى غير شرعه!
إن الإنسان في الغرب يفاخر بأنه يعيش فيما يسمى العالم الحر؛ وذلك لأنه يرى نفسه أفضل حالاً من زميله الواقع في براثن الشيوعية، لكنه ينسى أنه هو الآخر خاضع لتسخير واستغلال الطبقة الرأسمالية التي تستعبده دون وعي منه، فهو يتخبط في شباكها دوماً، ومع ذلك يحسب أنه حر طليق، وهذه الحقيقة مضى في الفصل السابق ما يؤيدها، وسنورد هنا ما يدعم ذلك مع ملاحظة التلازم الذي سبق أن أشرنا إليه بين السياسة والاقتصاد خاصة.
يقول ر. م. ماكيفر وزميله: "إن المجتمع الحديث يتميز بالعديد من المنظمات والمؤسسات الكبيرة والروابط الاقتصادية والسياسية المنشأة على نطاق واسع، التي تقوم جميعاً على تقسيم الوظائف والتخصص، حتى يصبح الفرد وكأنه أحد أسنان عجلة في آلة اجتماعية ضخمة، وتنحصر مهمته في أداء عمله بشكل آلي داخل دائرة تخصصه، فلا تتهيأ له إلا أقل الفرص لإظهار فرديته.
كذلك ينزعج كثير من الناس لمدى ما تتعرض له مواقف الرجل المتحضر وآراؤه من تشكيل بفعل النمط العام للمجتمع الذي يعيش