للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أورويل، ولكن التدرج على هذا الطريق قد جعل الناس لا يتبينون المدى الذي قطعوه في هذا الطريق المحتوم.

إن الموقف الآن شبيه بذلك الموقف الذي نشأ من ازدياد قوة الملوك في القرن السادس عشر، فقد كان طغيانهم المسرف هو السبب في كل الصراع الذي قامت به الحركات التقليدية وكسبته، ولكن ما إن تضاءلت قوة الملوك حتى نشأت محلها قوة لا تقل عنها خطورة (١).

وظهر في أمريكا أستاذ جامعي استطاع بعد جهود مضنية، وباستعماله الأساليب الإحصائية والشواهد الواقعية أن يقرب إلى الأذهان تشاؤمات أورويل، وأثبت بقوة أن امبراطوريات المال في الولايات المتحدة قد وصلت في سيطرتها على الإنسان إلى درجة ربما لم يحلم بها أورويل، ولكن أساليبها الخفية وتخطيطها العميق وهيمنتهاعلى وسائل الإعلام تلقي ظلالاً كثيفه على غولها البشع، فلا يستطيع أن يلمع مخالبه إلا القلة النادرة، يقول هذا الأستاذ وهو فينس باكارد: "إننا نجد تناقضاً في مجتمع يحاول أن يضع أناساً على القمر في حين أن ملايين من سكانه في المدن لا يجرءون على السير وحدهم ليلاً في الشوارع أو الحدائق المجاورة لبيوتهم" (٢).

ويستعرض في كتابه المسمى المجتمع العاري الوسائل الخفية التي تستخدمها امبراطوريات الذهب لتنغيص حرية الإنسان والسيطرة على سلوكه وشعوره ويذكر منها:

١ - أجهزة استراق السمع الإليكترونية: وهي أجهزة منها ما يستخدم في التنصت على المكالمات الهاتفية، ومنها أجهزة للتصوير والتسجيل


(١) العقل والمادة: (٢٨٩، ٢٩٤).
(٢) المجتمع الأميركي عارياً: (٣٠) واسمه الأصلي "المجتمع العاري".

<<  <   >  >>