للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمنّا بأنه لم تعد هناك طبقات أو امتيازات طبقية في الاتحاد السوفيتي؛ إلا أن الفقراء ما زالوا هم الفقراء؛ بل إن عددهم جد كبير ... إنني أخشى أن يكون معنى هذا كله العودة إلى نوع من برجوازية الطبقة العاملة تشبه البرجوازية الحقيرة التي تركتها في بلدي، ولقد بدأت -فعلاً- أرى أعراضها، ولا شك أن كل رواسب البرجوازية موجودة - رغم الثورة - لدى الكثيرين وإن كانت هاجعة راقدة.

إن الإنسان لا يمكن إصلاحه من الظاهر، فإن تغيير القلب وإصلاحه أمر جوهري، ولذلك يراودني القلق عندما أرى كل الغرائز البرجوازية تلقى الإطراء والتشجيع في الاتحاد السوفيتي.

رغم أن ديكتاتورية الطبقة العاملة التي طالما نادوا بها لم تتحقق بعد، إلا أنه توجد مع ذلك دكتاتورية من نوع آخر، دكتاتورية الحكومة الاستبدادية البيروقراطية السوفيتية، إن العامل السوفيتي البائس مربوط بمصنعه والعامل الزراعي مربوط بمزرعته الجماعية كارتباط أكسيون بعجلته، إن العامل إذا فكر في ترك عمله الحالي لأي سبب شخصي كان يتصور أو يأمل أن يكون في غير هذا المكان أحسن حالاً أو أقل سوءاً، أو لمجرد أنه يرحب بالتغيير، فإنه وهو المصنف المسجل المنظم يصبح على خطر من ألا يجد عملاً في أي مكان، بل إنه إن ترك مصنعه ولو ظل باقياً في نفس المدينة يحرم من مسكنه الذي كان من حقه طالما هو في العمل، والذي يصعب أن يجد غيره في أي مكان آخر، رغم أنه مع ذلك كان يدفع إيجار هذا المسكن ... أما إذا قامت السلطات نفسها بنقل العامل لسبب من الأسباب، فإنه لا يستطيع أن يرفض الانتقال، فلا هو حر في الذهاب إلى حيث يريد ولا في البقاء حيث تجمعت عواطفه الخاصة ومصالحة الشخصية (١).


(١) والصنم الذي هوى: (٢٢٢ - ٢٢٦).

<<  <   >  >>