الانفرادي والانعزالي، ولكنها تظل بعيدة عنها في مجال رقتها ونبلها وفروسيتها." (١)
أما الكاتب الفرنسي أندريه جيد، الذي أصيب بخيبة أمل عظمى في الشيوعية بعد زيارته للاتحاد السوفيتي؛ فيتحدث في كتابه: العودة من الاتحاد السوفيتي عن هذا الواقع بأسلوبه الأدبي قائلاً: " .. ماذا أقول عن فندق سينوب الذي كنت أقطن فيه بجوار سوكوم، لقد كان أرقى وأسمى من كل شيء آخر، بحيث لا يقارن إلا بأفخر فنادق أوروبا وأعظمها ... وكان بجوار الفندق مزرعة نموذجية تمده بثمرها، وكانت المزرعة تشتمل على زرائب نموذجية للخيل والبقر والخنازير وبيوت للدجاج، وكلها مهيأة بالوسائل الحديثة؛ إلا أنك إذا عبرت النهر الذي يحد هذه المزرعة رأيت صفاً من الأعشاش الحقيرة يعيش في كل حجرة من حجره الصغيرة -ستة أقدام مربعة- أربعة أفراد ويدفع كل منهم روبلين إيجاراً شهرياً".
إن اختفاء الرأسمالية لم يجلب الحرية للعامل السوفيتي، ومن الضروري للطبقة العاملة في كل مكان أن تعلم هذا، إن العمال -طبعاً- لم يعد يستغلهم حملة الأسهم الرأسماليون، إلا أنهم مع ذلك يستغلون أبشع الاستغلال وبطرق خفية منحرفة ملتوية، بحيث لم يعد العمال يعلمون على من يلقون اللوم.
إن غالبيتهم العظمى يعيشون تحت مستوى الفقر، وإن أجورهم الهزيلة هذه هي التي تعين على ملء جيوب العمال المميزين الذين يمتازون بانعدام الشخصية وبالتزلف والخضوع، إن الإنسان ليروعه ما يلحظه على ذوي الشأن من عدم مبالاة بمن هم أقل منهم شأناً كما يروعه ما يظهره الأخيرون من تذلل وعبودية.
(١) مقتطفات من الكتاب المذكور: (٥١، ٥٤، ٧٨، ٨١، ٨٣، ٨٤).