نهائياً، وفي الحقيقة لقد تم في المعسكر الشيوعي القضاء التام على قوى الرأسمالية الوطنية التي استؤصلت تماماً من الجذور، ولكن مع زوالها بدأت تبرز في صلب المجتمع الشيوعي طبقة جديدة لم يسبق للتاريخ أن رأى لها مثيلاً.
ولقد أكدت هذه الطبقة أنها أكثر تسلطاً في الحكم من أية طبقة أخرى ظهرت على مسرح التاريخ، كما أثبتت في الوقت نفسه بأنها تحمل أعظم الأوهام، وأنها تكرس أعتى أساليب الظلم في مجتمع طبقي جديد.
لقد تم تأميم المقدرات المادية إلا أنه لم يجر توزيعها على أبناء الشعب، بل أصبحت ملكاً مكتسباً للطبقة الحاكمة وللأعضاء القياديين للحزب والبيروقراطيين السياسيين.
لقد حاز الأعضاء الكبار من أفراد النخبة الممتازة على أفضل المساكن والبيوت، كما شيدت لهم الأحياء الخاصة ومنازل الاصطياف، وحصل أمناء سر الحزب وروساء البوليس السري ليس على السلطة العليا وحسب، إنما على أجمل المساكن وأفخم السيارات وسواها من مظاهر الأبهة والعظمة والامتيازات، أما بقية الأعضاء من دونهم مَرْتبة فقد حازوا على امتيازات متناسبة مع مراكزهم الحزبية.
وليس هناك أية طبقة أخرى في التاريخ تشابه الطبقة الجديدة في وحدة تماسكها، ووحدة الفكر والعمل في دفاعها عن نفسها، وفي قدرتها على إحكام القبضة على كل ما هو واقع تحت سيطرتها من الملكية الجماعية حتى السلطة الاستبدادية المطلقة.
هذه الطبقة الجديدة تتمتع بشراهة وجشع البرجوازية، إلا أنها لا تحتوي أية فضيلة من فضائلها، ومن جهة أخرى فإن هذه الطبقة تشابه الطبقة الارستقراطية في بعض أمورها الخاصة، وبطابعها