وبغض النظر عن المساوئ العامة للشيوعية، والشرور التي لم تدع منحى من مناحي الحياة إلا تغلغلت في أعماقه، فإن الناحية الاقتصادية خاصة كان ينبغي لها أن تكون أليق وأنسب في الدول الشيوعية منها في الغرب، وذلك لأن المبرر التاريخي لوجود الشيوعية فكراً وتطبيقاً هو المظالم والشرور الرأسمالية، فإذا جاءت الشيوعية بما يجعل الناس يترحمون على أسياد الإقطاع وطواغيت رأس المال فذلك هو المحير حقاً.
كان المفروض في مذهب ينادي بمساواة خيالية بين الناس، ويندد بالطبقة والطبقات والامتيازات والاحتكارات أن يكون -على الأقل- أقرب النظم العالمية إلى المساواة وأقلها فوارق بين الطبقات، هذا إن لم يحقق أحلامه الموعودة بالفردوس الأرضي، ولكن واقع الدول الشيوعية يصادم هذا الفرض كل المصادمة، وها هو ميليوفان دجيلاس نائب الرئيس تيتو يقول في كتابه الذي أسماه (الطبقة الجديدة): "إن الطبقة البيروقراطية الشيوعية الجديدة صاحبة الامتيازات الضخمة، تستخدم جهاز الدولة كستار وأداة لتحقيق مآربها وأغراضها الخاصة، وإذا ما عدنا لدراسة الملكية فإننا سنجدها ليست أكثر من حقوق الربح وحرية السيطرة، وإذا ما اتجه المرء إلى تحديد ربح الطبقة من خلال هذه الحقوق، وفي إطار تلك الحرية، فإن الدول الشيوعية تتجه في النهاية إلى خلق شكل جديد من أشكال الملكية، وخلق طبقة حاكمة مستثمرة جديدة.
إن الطغيان الشيوعي والإرهاب في أساليب الحكم هما الضمانة لامتيازات طبقة جديدة تبرز على المسرح السياسي.
لقد سبق أن أعلن إستالين عام ١٩٣٦ مع صدور الدستور الجديد في الاتحاد السوفيتي أن الطبقة المستثمرة قد تم القضاء عليها