"ونحن ننقل إلى المبتدئين في علم الأحياء هذه القصة لتمثل انتصار العقل على الاعتقاد، وهي تمثل في الحقيقة عكس ذلك تقريباً، فالنظرة الصائبة هي الاعتقاد في التولد الذاتي، والبديل الآخر الوحيد لها هو الاعتقاد في الخلق الخارق للطبيعة الذي يعد حدثاً فريداً وأساسياً، ولا يوجد بديل ثالث لهما؛ ولهذا السبب فقد اعتبر كثيرون من المشتغلين بالعلوم منذ قرن مضى عقيدة التولد الذاتي كضرورة فلسفية. وإن من أعراض عجزنا الفلسفى حالياً أن هذه الضرورة فقدت تقديرها.
(وبرغم أن أحدث المشتغلين بعلم الأحياء قد أثلج صدورهم انهيار عقيدة التوالد الذاتي، فإنهم ليسوا على استعداد لتقبل العقيدة البديلة لها وهي الخلق الخاص، ومن ثم فقد فقدوا جميع الاحتمالات!.).
(وإنى لأعتقد أن ليس ثمة اعتقاد بأنه اختيار أمام المشتغل بالعلوم سوى أن يتفهم أصل الحياة عن طريق فرض التولد الذاتى، ويبدو التعارض -فيما أبديناه سابقاً فقط- في الاعتقاد أن المعضيات الحية تبعث تلقائياً في الظروف الحالية، ومن ثم فلابد لنا من مواجهة مشكلة مختلفة نوعاً ما؛ وهي كيف يمكن أن تبعث الكائنات تلقائياً في الظروف المختلفة في فترة غابرة وتعجز بعد ذلك عن إبداء هذه المقدرة) " (١).
ورأى والد: (أنه لو استطاع العلم أن ينتج في المعمل مادة حية من أبسط المواد تركيباً وهي مادة ( D.N.A) فإن معضلة النشوء الذاتي ستحل، وسترتقي الفرضية إلى درجة الحقيقة العلمية).
وأخيراً ... وبعد أن أجهد نفسه في بحوث عقيمة حول ذلك اعترف بعجزه بمرارة، ولكنه لم يثب إلى رشده، بل أخذ يمني نفسه، ويعلل