أسموه (نظرية المصادفة)، وكان أشهر أبطال النظرية من إنجلترا أمثال (جيمس جينز) و (برترداند رسل) ولا تزال -حالياً- أوسع النظريات انتشاراً بين علماء الأحياء المعاصرين لاسيما في أمريكا.
ولكن هذه النظرية أثارت من علامات الاستفهام مما جعلها عرضة للنقد والتشهير، وتوالت البحوث المضادة لها حتى استطاع العالم السويسرى الشهير (شارل أوجين جي) أن يسدد إليها ضربة قاضية في منتصف هذا القرن، فقد أثبت بالأساليب الرياضية التي لا مراء فيها أن هذه النظرية غير علمية على الإطلاق، وأن حجم الكون الذي يمكن أن تنشأ فيه أدنى درجة من الحياة بطريق المصادفة هو أكبر من حجم كوننا حسب تقدير (ألبرت آينشتاين) بأرقام لا يمكن التعبير عنها بالألفاظ.
(كرة نصف قطرها = ١٠ أس ٨٢سنة ضوئية)(١).
وبذلك وقع الماديون في مأزق جديد أشد حرجاً، وكان المفروض أن ينتقلوا إلى الاحتمال الحقيقي، وهو الخلق الإلهي، لكن الغرور والتعصب جعلهم ينتكسون مرة ثانية إلى القول بنظرية التوالد الذاتي، مع محاولات يائسة وتفسيرات جديدة للخروج من التناقض، الذي يقعون فيه نتيجة إيمانهم اليوم بما ثبت بطلانه بالأمس.
ولنأخذ -مثلاً- لهذا التفكير المنتكس رجلين أحدهما من كبار علماء الحياة في الغرب، والآخر رئيس الأكاديمية العلمية السوفيتية.
أما الأول فهو (جورج والد) وقد أسهب في الحديث عن نظرية التولد الذاتي، وفصل القول في قصة تهافتها وانهيارها، لكنه عاد ليقول:
(١) أي: (١٠) أمامها (٨٢) صفراً. انظر مصير الإنسان: (٦٥ - ٦٦) وانظر كذلك العلم يدعو للإيمان، كريس موريسون، والله يتجلى في عصر العلم، مجموعة من العلماء.