عندما انتصر العلم الحديث على خرافات الكنيسة وأساطير القرون الوسطى الأوروبية وهدم أساليب البحث وطرق الاستنباط المدرسية التقليدية كان ذلك بلا ريب نصراً كبيراً للإنسانية في كل مكان، وفتحاً جديداً في عالم المعرفة والنور.
لكن هذا النصر والفتح اختفيا تحت ركام الاستغلال البشع لما أنجزه الإنسان من تقدم في المعرفة، استخدم للقضاء على الدين ذاته ودك أسسه باسم العلم.
لقد صورت المعركة التاريخية بين العلم وبين الخرافة على أنها معركة حقيقية بين الدين والعلم، ونتيجة لذلك افتعلت عداوة أبدية بين خصمين لم ينشب بينهما شجار على الإطلاق، ولا يمكن أن يكون بينهما خصام في وضع سوي على الإطلاق.
وأياً ما كان الأمر فقد نجح المغرضون والهدامون - من الموتورين بطغيان الكنيسة وأعداء الجنس البشري المتربصين - في اختلاق هذا الخصام النكد، وزحزحت حقائق وقيم الدين من ميدان العلم والبحث، وظل العلم يمارس عمله متخبطاً في دائرة مغلقة لا علاقة لها