طبيعة الحياة، وحين وصل علماء الفلك إلى مكتشفات جديدة حول أصول العالم المحتمل ومستقبله، وحين تغلغل علماء النفس في أغوار الانفعالات وشبه الشعور واكتشفوا منطقة التدين، وحين أدى تزايد حجم المدن الصناعية باستمرار إلى وجود مجتمع غير ملائم دينياً مؤثر في عدد متزايد من سكان العالم. وفي المناطق التي يسيطر عليها الشيوعيون نشرت المعارف العلمية عن العالم والمجتمع، لتكون وسيلة لمحاربة العقائد الدينية، وأصبح ينظر إلى المؤسسات الدينية على أنها ستار للاستغلال البورجوازي الذي لا مكان له في المجتمع الحديث" (١).
والنتيجة التي حدثت في المجال العلمي التجريبي نفسها حدثت في مجال الفلسفة النظرية، فقد وقع ديكارت في الغلطة نفسها باعتقاده أن الثنائية بين العلم والدين -كما حاول أن يحدد فلسفتها- ستحول دون انهيار المسيحية، وتتيح لكل من الدين والعلم الحرية في مجاله الخاص، ولكن آل الأمر إلى أن تقول الفلسفة الحديثة: "يتميز موقف الفيلسوف على خلاف موقف الديني ... بأنه موقف تجرد ونظر خالص، فهو يرى أن مسألة الله بأسرها من حيث وجوده، ومن حيث طبيعته معاً هي مسألة مفتوحة تماماً".
فالفلسفة لا تعرف أموراً مقدسة لا يمكن الاقتراب منها، والمفكر الميتافيزيقي لا يشعر عند معالجته لمفهوم الكائن الأسمى بخشوع يزيد على ما يشعر به إزاء أية مسألة أخرى من تلك المسائل القصوى التي يحار لها ذهن الإنسان.
وإن من أول ما يتعلمه دارس الفلسفة أن نفس وجود ميدان