للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم أم نتمسك بطلب الحقيقة رغم ما في ذلك من تمزيق وتبديد لمجتمعنا؟! " (١).

أما دي نوي فقد كاد يضع يده على مكمن الداء إذ قال: "إن الذكاء بنفسه خطر إذا لم يخضع لإدراك حدسي أو عقلي للقيم الخلقية، وهو لم يفض إلى المادية بل إلى أعمال فظيعة، وقد كتب هذا الكتاب قبل اختراع القنبلة الذرية التي تبين ما نقول بطريقة واضحة، وفهم الجمهور أن انتصاراً فائقاً للعلم تحدى الطمأنينة الإنسانية بأسرها، وحينئذٍ فهمت الأمم الدعوة متحضرة أن الإتحاد الخلقي وحده يقدر أن يدفع عنها هذا التهديد، وكان الوقت قصيراً، فلم نجد سبيلاً إلى الحماية إلا بواسطة اتفاقات خطية ويعلم الكل أنه لا قيمة للاتفاقات ولا ثقة بها إلا بالنسبة إلى الإنسان الذي يذيلها بتوقيعه، وإذا لم يكن هذا الإنسان مستقيماً مخلصاً، وإذا لم يكن يمثل شعباً يحترم كلمته، فلا تعني شيئاً على الإطلاق" ..

ولأول مرة في تاريخ الإنسان أصبح النزاع بين الذكاء الصرف والقيم الخلقية قضية حياة أو موت، وكل ما نأمله هو أن تستفيد الإنسانية من هذه الأمثولة، لكننا لسوء الحظ لسنا واثقين من ذلك (٢).

هذا قليل من كثير من النتائج السيئة التي جلبها الصراع المشئوم بين دين أوروبا وعلمها، ودفع إليها التعصب المقيت من قبل دعاة اللادينية في مجال مفروض فيه أن يكون أعظم طريق إلى الله وأقوى دافع إلى خشيته.


(١) (٣/ ٧٢٠ - ٧٢١).
(٢) مصير الإنسان: (٢٢٦ - ٢٢٧).

<<  <   >  >>