الانسان خصم للخالق، وأن في إمكانه أن يسرق علم كل شيء كما سرق النار المقدسة من قبل، وإلا فلو أن لهؤلاء المسمين علماء إيماناً بالله -على الحقيقة- لكانوا أكثر الناس خشوعاً واعترافاً بين يديه.
وقد بلغ من غرور علماء الغرب وفرط استكبارهم أنه حتى نقاد الحضارة الغربية والمتنبئين لها بالانهيار يطلبون الدواء الناجح والحلول السريعة من العلم نفسه، ويهيبون بالعلماء إلى دراسة مستقبل الجنس البشري، والعمل على إنقاذه، ويطالبون بعقد مؤتمرات دولية لبحث هذه الشئون، وهكذا تتخبط أوروبا وتحار، ومنهج الله ميسر قريب!
بقي أن نشير إلى نتيجة أخرى -من نتائج فصل العالم عن الدين- وهي في نظر عامة الغربيين أكثر النتائج سوءاً، مع أنها في نظرنا عرض للمرض، وليست هي المرض ذاته، وهي مشكلة سوء استخدام العلم المتمثل في الدمار الذي يهدد البشرية صباح مساء نتيجة الكشوف في ميدان الذرة والحرب عموماً، يقول أحد الباحثين في كتاب (العلم أسراره وخفاياه): "إن العلم يواجه ورطة شديدة، فالعلم هو البحث عن الحقيقة، وأساس العلم العقيدة الراسخة بأن الحقيقة تستحق الاكتشاف، وأن البحث عنها إنما ينبع من أشرف صفة من صفات الروح الإنسانية، ومع ذلك فهذا البحث عن الحقيقة هو نفسه الذي جعل حضارتنا تقترب من حافة هاوية الدمار.
وعندما نواجه الآن السخرية التي تحولت إلى مأساة، وهي أننا كلما نجحنا في توسيع آفاق معرفتنا كان ذلك نذيراً بقرب الخطر الذي يهدد بالقضاء المبرم على الحياة البشرية على هذا الكوكب.
فهذا السعي وراء الحقيقة أمدنا في آخر الأمر بالأدوات التي تمكننا من هدم مجتمعنا بأيدينا وبالقضاء على كل الآمال المشرقة لجنسنا؛ ما عسانا فاعلين في هذا الموقف؟