للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العشرين تعكس فهمه المتغير لعلاقته بالمجتمع وبالطبقة وبالله؛ ففي معظم أنحاء العالم، وخلال طبقات اجتماعية كثيرة وعلى نطاق واسع، رأى الناس أنهم قد سيطروا على قوى جديدة وفرص جديدة، وأنهم بسبيل هذه السيطرة فاعتقدوا أنهم بصدد فجر جديد لا يمكنهم إلا اجتلاء ملامحه بسرعة، أما مستقبله واحتمالاته فتدعو إلى الابتهاج وإلى الذعر في وقت واحد.

فقد أحس الناس في طول العالم وعرضه أنهم في سفينة قد انقطعت أسبابها بالبر، وعليهم أن يقودوها بغير خريطة عبر بحار مجهولة. كان هذا عند البعض بمثابة مغامرة كبرى لا تخلو من نشوة، وكان عند البعض الآخر خطراً يهدد بالويل الكبير، لقد وجد الإنسان الحديث نفسه في موقف مليء بالمتناقضات، وكلما ازداد سيطرة على بيئته زاد شعوراً بعجزه أمام القوى التي كان إطلاق بعضها من صنعه.

وكلما زادت درايته بالعالم خارج نطاق بيئته المباشرة، قلت قدرته على التصرف المباشر إزاء كثير مما يبدو أنه يؤثر على حياته اليومية، وكلما زادت المعرفة الجديدة من تقويضها لليقينيات السابقة، وكلما غيرت القوى الاجتماعية في النظم القديمة تزايد شعور الإنسان بالحاجة إلى مصدر من مصادر الأمن والطمأنينة يقوم عنده مقام المصادر التي فقدها)) (١).

إنه الإفلاس وإنها الحيرة والضياع ... !!

يقول ر. بوسكيه وزميله عن مشكلة الإنسان المعاصر: "أين أنا؟ في أي عصر؟ وفي أي وضع ما زلت مشتبكاً؟ أهناك


(١) (٢٦/ ٢: ١) (ص:٢٤ - ٢٥).

<<  <   >  >>