ما يربطنى بالماضى والمستقبل وبالآخرين من أهل عصري؟ هل يمكن أن يجلب لي ذلك شيئاً ما؟ وبكلمة واحدة: أين مكاني؟ ".
هكذا يبدو الإنسان في المجتمع المعاصر مسيراً بالبيئة التي يعيش فيها، لقد فقد أعظم نصيب من حريته الداخلية ومن إحساسه بمسئولياته، ولن تكون الإنسانية سيدة مصيرها قبل أن يظفر الإنسان بحريته الباطنة وإحساسه بمسئولياته، ولكن أهو مستطيع هذا؟ ذلك هو السؤال الذي يجب أن نضعه لأنفسنا.
إن مجتمعنا منظم في مجال التقنية والاقتصاد تنظيماً عظيماً، ولكنه ليس كذلك في المجال البشري، فنحن نعيش على آراء وأخلاقيات واجتماعيات وفلسفات وسيكولوجية القرن التاسع عشر، وما زلنا كأجداد أجدادنا ... ، ومن المحتمل أننا ما زلنا نعيش على تنظيم ينتمى إلى القرن التاسع عشر ... ، لم يعد من الممكن أن نحيا في عصر الصواريخ وفق قواعد عصر الحصان ... ، ويمكن تفسير التفاوت بين التقدم الاقتصادي والتقدم الاجتماعي بسوء التكيف وسوء نظام مجتمعنا.
إن التطور الاقتصادي ليترجم الاختراعات العلمية التقنية إلى ثروات جديدة، ويبدو الإنسان وكأنه يغزو شيئاً فشيئاً الكوكب الذي يعيش فوقه، عرف الطبيعة، سيطر على الطاقة؛ استغل موارد المجتمع ظاهرها وباطنها، ومع هذا لا ينتفع المجتمع كله من هذه الحركة ... ، حتى داخل البلاد الصناعية نجد غالباً نفس الفوارق حسب الأقاليم والفئات الاجتماعية، ويزيد من خطورة هذه الفوارق ازدياد الحاجات التي تثيرها أغنى الجماعات، وكذلك التقدم الفني والتنظيم التجاري، وتلك دائرة جهنمية تدل على نقص في التنظيم الاجتماعي وكفاح مرير