للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البشري كتلة من اللحم كأي حيوان آخر، لا هم له إلا إرواء غرائزه البهيمية والحصول على أكبر قسط من المتاع الجسدي المحض.

٢ - والشعور بتفاهة الحياة وحقارتها، ونفي أية غاية سامية لوجودها، وهو الشعور الذي عبرت عنه مدارس الضياع المختلفة تحت أسماء وشعارات شتى.

وأما الفرويدية فقد عمقت الاتجاه الحيواني موصلة إياه إلى الحضيض، وصاغته في فلسفة نظرية منمقة تجعل الوصال الجنسي هو الغاية والوسيلة، وهو محور الحياة ومحور البحث ومناط التفكير وعلة العلل.

وعمقت كذلك الشعور بالضياع والحيرة، فقد تركزت فلسفتها الجنسية حول الجوانب المجهولة - إن لم نقل المختلفة - كالعقل الباطن واللاوعي واللاشعور والأنا المثالية إلخ، وكأنها بذلك قدمت العوض المعاكس للإيمان والإحساس الروحي.

وهناك غير ما سبق عوامل ومؤثرات كثيرة:

فهناك الحربان العالميتان، وهما الكارثة التي حطمت القيم والأعراف والقوانين، وأذهلت بفظائعها المروعة عقول البشر، ولا يزال التهديد الذري واحتمال نشوب حرب ثالثة يسيطر على مخيلة الناس ويؤرق شعورهم.

وهناك التفسخ الاجتماعي، حيث الأسرة محطمة، والمشاعر النبيلة مفقودة، والتنافس الضاري على أشده، مما جعل الإنسان يعيش في دوامة رهيبة من القلق لا يجد موطئ قدم تسكن نفسه إليه منذ ولادته حتى مماته.

<<  <   >  >>