للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول وقدماء الدول، وحصل منها الإرشاد إلى طرق المعاش في الأزمنة الخالية، كما ظهر منها التوصل إلى نوع من انتظام الجمعيات التأنسية عند قدماء مصر والعراق وفارس واليونان، وكان ذلك من لطف الله تعالى بالنوع البشري حيث هداهم لمعاشهم بظهور حكماء فيهم؛ يقننون القوانين المدنية -لا سيما

الضرورية- لحفظ المال والنفس والنسل" (١).

ويقول في مؤلف آخر مثنياً على الدستور الفرنسي "الشرطة": "فيه أمور لا ينكر ذوو العقول أنها من باب العدل ... معنى الشرطة اللغة اللاتينية ورقة، ثم تسومح فيها، فأطلقت على السجل المكتوب فيه الأحكام المقيدة، فلنذكره لك وإن كان غالب ما فيه ليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لتعرف كيف قد حكم عقولهم بأن العدل والإنصاف من أسباب تعمير الممالك وراحة العباد، وكيف انقادت الحكام والرعايا، لذلك عمرت بلادهم، وكثرت مصارفهم، وتراكم بناهم، وارتاحت قلوبهم، فلا تسمع فيها من يشكو ظلماً أبداً، والعدل أساس العمران" (٢).

ويقول شيخ آخر معاصر له بوجوب (تحذير ذوي الغفلات من عوام المسلمين عن تماديهم في الإعراض عما يحمد من سيرة الغير الموافقة لشرعنا بمجرد ما انتقش في عقولهم من أن جميع ما عليه غير المسلم من السير والتراتيب ينبغي أن يهجر، وتآليفهم في ذلك يجب أن تنبذ ولا تذكر).

وهو يعني بذلك اقتباس الطرائق الغربية في الحكم كالدستور المدون والمجالس النيابية ... إلخ، إذ يقول عن الممالك الأوروبية:


(١) رفاعة الطهطاوي: المرشد الأمين: (٣٦ - ٣٨).
(٢) تخليص الإبريز: (١٤٠).

<<  <   >  >>