للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تكاد جيوش الاحتلال تضع أقدامها على أرض إسلامية حتى تبادر بهذا العمل لأنهم يدركون نتائجه البالغة.

وأول قطر بدأ فيه إلغاء الشريعة الإسلامية، كما يقول الأستاذ المودودي هو الهند، فحتى سنة ١٧٩١ كانت الشريعة هي القانون العام فيها، ولكن الإنجليز تتدرجوا في إلغائها حتى تم ذلك في أواسط القرن الماضي، يلي ذلك الجزائر التي بدأ إلغاء الشريعة فيها عقب الاحتلال الفرنسي سنة ١٨٣٠، ثم مصر التي أدخل إسماعيل (عميل فرنسا) القانون الفرنسي فيها ولم تأتِ سنة ١٨٨٣ حتى كان نصيب الشريعة لا يتجاوز الأحوال الشخصية إلا قليلاً.

ثم تونس، حيث أدخل الفرنسيون قانونهم سنة ١٩٠٦ ليتدخل حتى في الأحوال الشخصية، وفي سنة ١٩١٣ وضعوا في المغرب قانوناً مدنياً مماثلاً لما في تونس (١).

أما بلاد العراق والشام، فقد تأخرت في ذلك بسبب تبعيتها للقضاء العثماني الذي يعتمد على مجلة الأحكام العدلية، ولم تلغ الشريعة إلا بعد إلغاء الخلافة وثبوت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها.

٣ - القضاء على التعليم الإسلامي والأوقاف الإسلامية: أدرك المستعمرون أن أعظم وسيلة لإبعاد المسلمين عن دينهم هو أن يكونوا جهلاء به، واتعظوا بمصير (كليبر) (٢) على يد طالب الأزهر: سليمان الحلبي، وبما ذاقوه من مقاومة في الهند والمغرب تزعمها علماء الشريعة وطلابهم، فوضعوا المخططات الماكرة لتقليص التعليم الديني تدريجياً، وإحلال التعليم اللاديني محله، وأشهر هذه المخططات مخطط كرومر ودنلوب في مصر، الذي انتهج سياسة بعيدة المدى دقيقة الخطى في


(١) انظر: دفاع عن الشريعة: علال الفاسي: الفصل الثانى عشر.
(٢) الحاكم العسكري الفرنسي لمصر أيام احتلال نابليون، وانظر تفاصيل الحادثة في تاريخ الجبرتي.

<<  <   >  >>