تجد من المعاصرين من كتب في موضوع أصل الإنسان إلا وهو سائر على الطريق نفسه.
ولما كان انتشار الإلحاد في العصر الحديث -أو على الأقل الشك واللاأدرية- يشكل ظاهرة بين المفكرين والمثقفين، فلنكتف به مثالاً على استيراد المذاهب الفكرية الحديثة.
(كان من ضمن القائمين بهذه الحركة إسماعيل أحمد أدهم، الذي جاء إلى مصر (من تركية بعد إعلان العلمانية)، وحاول نشر الأفكار الإلحادية بين أهلها، وقد ألف رسالة صغيرة عنوانها: لماذا أنا ملحد؟ وطبعها في مطبعة التعاون بالإسكندرية، ومما جاء فيها:(أسست جماعة نشر الإلحاد بتركيا، وكانت لنا مطبوعات صغيرة أذكر منها: ماهية الدين، قصة تطور الدين ونشأته، العقائد، قصة تطور فكرة الله، فكرة الخلود، وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر الإلحاد الأميركية، وكان نتيجة ذلك تحويل اسم جماعتنا إلى المجمع الشرقي لنشر الإلحاد، وكان صديقي البحاثة إسماعيل مظهر في ذلك الوقت - ١٩٢٨ - يصدر مجلة العصور في مصر، وكانت تمثل حركة معتدلة في نشر الفكر والتفكير والدعوة للإلحاد (١).
وكتب إسماعيل مظهر في عدد مارس ١٩٢٨ من مجلته مقالاً جاء فيه:
(أما تفكير الإنسان الجدي فأصبح في تحديد علاقته لا بواجب الوجود ولكن بالكون، فبعد أن أسقط العلم الإنسان عن عرش الملائكة العلوي، وأنزله إلى أفق الحيوان، أخذت الإنسان فكرة جديدة ليست بأقل إشكالاً من الفكرة التي ملكت زمامه من ناحية الأديان.
(١) ذيل الملل والنحل، محمد سيد كيلاني: (٩١) (مطبوع مع الملل والنحل).