للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد أن أظهر النشوئيون أصل الإنسان الحيواني وأثبتوه علمياً (!)، وبعد أن أثبت الجيولوجيون قدم الأرض والفلكيون قدم النظام الشمسي، وأظهر هؤلاء بأبحاثهم سلسلة التدرج الطويل التي مضى عليها الكون لينتهي بظهور الحياة، فوق الأرض أخذ العقل الإنساني سمته نحو التفكير كما هي عادته فيما يختص وراء هذه السلسة الطويلة من قصد، وهل كانت متجهة بكل ما فيها من الصور لأن تنتهي بالإنسان على أنه القصد الأخير منها؟

أما الثابت حتى اليوم، فليس مما يرضي التفاؤل في مصير الإنسان، ولست أدري لماذا لا يشارك الإنسان الحيوانات في نهايتها المحزنة ما دام يشاركها في بداياتها الجميلة (١).

وينتهي تأثره بداروين، إلى قوله:

اكتفت الأديان بالقول: بأن الغاية من خلق الإنسان والجن هي أن يعبدوا الله، -فكرة حسنة- ولكنها غير صحيحة (!) إذ لو صح هذا -إذن- لاعتقد بجانبه بأن الله في حاجة لأن يعبده الأنس والجن (!)، ولظهر النظام الكوني في مجموعه بمظهر شيء ما خلق إلا ليعضد الحياة الإنسانية التي يجب أن تسخر لعبادة الله، وهذا في معتقدي أبعد الأشياء عن أن يكون الغاية من وجود الإنسان (٢).

والحق أن إسماعيل مظهر لم يكن إلا نموذجاً لكتاب كثيرين يتفاوتون في درجة التصريح بما يعتقدون لكنهم متساوون في المنطلق والغاية، مثل منصور فهمي ولطفي السيد وأمين الخولي وطه حسين، وأخيراً صادق العظم صاحب كتاب (نقد الفكر الديني)، وآخرين ممن لا تأويل لما يكتبون إلا الخروج على الإسلام، غير أن بعضهم تخفى تحت


(١) المصدر السابق: (٩٨).
(٢) المصدر السابق: (١٠٠).

<<  <   >  >>