للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفستانات والمناديل الحرير الملونة، ويسدلن على مناكبهن الطرح الكشميري والمزركشات المصبوغة، ويركبن الخيول والحمير ويسوقونها سوقاً عنيفاً، مع الضحك والقهقهة ومداعبة المكارية معهم وحرافيش العامة، فمالت إليهم (أي إلى الفرنسيين) نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل والفواحش، فتداخلن معهم لخضوعهم للنساء وبذل الأموال لهن، وكان ذلك التدخل -أولاً- مع بعض احتشام وخشية عار ومبالغة في إخضاعه، فلما وقعت الفتنة الأخيرة بمصر، وحاربت الفرنسيس بولاق، وفتكوا في أهلها وغنموا أموالها وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات صرن مأسورات عندهم، فزيوهن بزي نسائهم، وأجروهن على طريقتهن في كامل الأحوال، فخلع أكثرهن نقاب الحياء بالكلية، وتداخل مع أولئك المأسورات وغيرهن من النساء الفواجر، ولما حل بأهل البلاد من الذل والهوان وسلب الأموال واجتماع الخيرات في حوز الفرنسيس ومن والاهم، وشدة رغبتهم في النساء وخضوعهم لهن وموافقة مرادهن وعدم مخالفة هواهن ولو شتمته أو ضربته بتاسومتها (!) فطرحن الحشمة والوقار والمبالاة والاعتبار، واستملن نظراءهن واختلسن عقولهن، لميل النفوس إلى الشهوات وخصوصاً عقول القاصرات، وخطب الكثير منهم بنات الأعيان وتزوجوهن رغبة في سلطانهم ونوالهم، فيظهر حال العقد الإسلام، وينطق بالشهادتين؛ لأنه ليس له عقيدة يخشى فسادها، وصار مع حكام الأخطاط منهم النساء المسلمات متزينات بزيهم ومشوا معهم في الأخطاط للنظر في أمور الرعية والأحكام العادية والأمر والنهي والمناداة، وتمشي المرأة بنفسها أو معها بعض أترابها وأضيافها على مثل شكلها، وأمامها القواسة والخدم وبأيديهم العصي يفرجون لهن الناس مثل ما يمر الحاكم ويأمرن وينهين في الأحكام.

ومنها: أنه لما أوفى النيل أذرعه ودخل الماء إلى الخليج وجرت فيه

<<  <   >  >>