السفن، وقع عند ذلك من تبرج النساء واختلاطهن بالفرنسيس ومصاحبتهم لهن في المراكب والرقص والغناء والشرب، في النهار والليل في الفوانيس والشموع الموقدة وعليهن الملابس الفاخرة والحلي والجواهر المرصعة، وصحبتهم آلات الطرب وملاحو السفن يكثرون من الهزل والمجون، ويتجاوبون برفع الصوت في تحريك المقاديف بسخيف موضوعاتهم وكتائف مطبوعاتهم (!) وخصوصاً إذا دبت الحشيشة في رءوسهم وتحكمت في عقولهم، فيصرخون ويطبلون ويرقصون ويزمرون ويتجاوبون بمحاكاة ألفاظ الفرنساوية في غنائهم وتقليد كلامهم شيء كثير (١).
إذن فقد ظهرت مؤشرات واضحة على أن من المسلمين من هو مهيأ نفسياً لتقبل أسلوب الحياة الاجتماعية اللاديني الوافد من الغرب، وأن منهم من هو على استعداد لأن يدعو أمته لذلك لو حظى بالعناية اللازمة وعاش عيشة أوروبية.
ومنذ أيام محمد علي ابتدأت حركة الابتعاث إلى الدول الأوروبية، وكان من أشهر المبتعثين الأوائل الشيخ رفاعة الطهطاوي، الذي يعد كذلك من رواد الإصلاح، هذا الشيخ المبتعث كتب عن مدينة باريس كتاباً يصف فيه لأبناء أمته الحياة الاجتماعية في فرنسا -آنذاك- تعرض فيه لوصف النوادي والمراقص فقال:
(والغالب أن الجلوس للنساء، ولا يجلس أحد من الرجال إلا إذا اكتفت النساء، وإذا دخلت امرأة على أهل المجلس، ولم يكن ثم كرسي خال قام لها رجل وأجلسها ولا تقوم لها امرأة لتجلسها، فالأنثى -دائماً- في المجالس معظمة أكثر من الرجل، ثم إن الإنسان إذا دخل بيت