للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم- يبلغون عن الله تعالى والعلماء يبلغون عنهم؛ وقد يسمون وسطاء بالنظر إلى ذلك، أما التوسط بمعناه الذي تولته الكنيسة النصرانية فهو في دين الله شرك أكبر ولا وجود له تاريخياً.

نعم وجد ما يشبه ذلك عند بعض المتصوفة مع مريديهم، وبين الجهلة من العوام بالنسبة للأموات والصالحين، ولكنه - مع اختلافه عن التوسط الكنيسي - ليس من الإسلام ولم يقره علماء الأمة المعتبرون.

قال شَيْخ الإِسْلامِ في رسالة له فريدة:

(وما سوى الأنبياء من مشايخ العلماء والدين، فمن أثبتهم وسائط بين الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته يبلغونهم ويعلمونهم ويؤدبونهم ويقتدون بهم فقد أصاب في ذلك، وهؤلاء إذا أجمعوا فإجماعهم حجة قاطعة لا يجتمعون على ضلالة، وإن تنازعوا في شيء ردوه إلى الله والرسول، إذ الواحد منهم ليس بمعصوم على الإطلاق، بل كل أحد من الناس يؤخذ من كلامه ويترك إلا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {العلماء ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر} ومن أثبتهم وسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس لقربهم منهم .. فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبهون لله شبهوا المخلوق بالخالق وجعلوا لله أنداداً) (١).


(١) الواسطة بين الحق والخلق " (١٦: ١٧).

<<  <   >  >>