قريشاً كانت تقطع يد السارق، (١) وهو حد معروف في الشرائع السابقة، كما في حديث المخزومية وشفاعة أسامة بن زيد لها -وشيء آخر سبقت- بل فاقت به الجاهلية العربية الجاهليات اللادينية المعاصرة، وهو (حرية التدين)، فكان منهم الحنفاء الذين يتعبدون ببقايا دين إبراهيم -عليه السلام- وكان منهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وكان منهم عبدة الكواكب وعباد الأوثان، وبعضهم كان يعبد الجن أو الملائكة.
هذا كله غير المزايا الخلقية التي كانت البيئة التي بعث فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحوي منهم ما لا تحويه البيئات الأخرى!
ولكن - وهذا هو المهم - بماذا حكم الله على هذا المجتمع؟ وكم حسبت هذه الأمور كلها في ميزان الإسلام؟
إن الله تعالى حكم على هذه البيئة -وعلى الواقع الأرضي كله حينئذ- بأنها كفر وجاهلية، وعد تلك الأمور جميعها صفراً في ميزان الإسلام، وحتى ما أقر من معتقداتها جاء على أساس جديد وفى صورة جديدة كأنما هو -فعلاً- شيء جديد.
ولذلك نشبت المعركة الطويلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتد النزاع معركة شرسة ونزاع حاد، حتى أن السيف كان الحكم الأخير.
والشىء المثير -أيضاً- أن موضوع هذه المعركة العنيفة الطويلة لم يكن سوى كلمة واحدة هي كلمة لا إله إلا الله، كلمة يصر عليها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أقصى حدود الإصرار، وترفضها الجاهلية العربية إلى أبعد مدى للإنكار، يرفضونها على علم ويقين بأن