للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها معنى عظيماً ومدلولاً خطراً، وأنها تستتبع مسئوليات جسيمة وتكاليف ثقيلة.

منذ اللحظة الأولى حين دعاهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى لا إله إلا الله كان الجواب الفوري: ((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)) [ص:٥]، فالقضية واضحة في أذهانهم: إن الالتزام بهذه الكلمة معناه: الرفض الجازم والتخلي الكامل عن كل ما عدا الله من معبوداتهم وطواغيتهم المختلفة: طاغوت الأوثان وطاغوت الزعامة وطاغوت القبيلة وطاغوت الكهانة وطاغوت التقاليد ... إلخ، والاستسلام الكامل لله، ورد الأمر كله -جليله وحقيره وكبيره وصغيره- إلى الله تعالى وحده لا شريك له، وهذا موقف واحد من مواقف الصراع حول هذه الكلمة:

لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {يا عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب: أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فلم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرضها، ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب.} (١)

أرأيت؟! رجل في ساعة الاحتضار الأخيرة يراد منه أن يقول هذه الكلمة الخفيفة على اللسان، فما الذي يجعل طواغيت قريش تتشبث بهذا الإصرار المستميت على ألا يقولها؟ وما الذي يجعل هذا الرجل يلفظ أنفاسه دون أن ينطقها؟! لو كانت المسألة مسألة لفظ باللسان لما حدث شيء من هذا أبداً، ولكنه المعنى الخطير والمغزى


(١) صحيح مسلم (١/ ٢١٤) مع شرح النووي.

<<  <   >  >>