للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملك اليهود. أجابه يسوع: أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني؟ أجابه بيلاطس: العلي أنا يهودي؟ أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك لي ماذا فعلت؟ أجاب يسوع: مملكتي ليست في هذا العالم، لو كانت مملكتي في هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلَّم لليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (١).

إن القضية لتبدو واضحة العيان، لقد دبر اليهود مكيدة أخرى، حيث رأوا أنه يمكن إيغار صدر (بيلاطس) على المسيح بتلفيق تهمة ضده، مفادها: أنه يدعي أنه ملك على اليهود، وزعيم سياسي يهدف إلى استقلال أمته عن الاستعمار الروماني والتبعية لقيصر، وهي تهمة كفيلة بتعريض المسيح ودعوته لأقسى العقوبات.

تظاهر اليهود بالنصح للحاكم الروماني، والحدب على دولته، فحملوا المسيح إليه موجهين إليه هذه التهمة. حينئذ وقع بيلاطيس بين تيارين نفسيين: تيار النخوة الوطنية الرومانية، وتيار التعقل والروية الذي يبعثه في نفسه علمه بخبث طوية اليهود من جهة، وتيقنه من براءة المسيح من جهة أخرى، لذلك تردد كثيراً في الأمر وهم أخيراً بأن يطلق المسيح، فصرخ اليهود قائلين: (إن أطلقت هذا فلست محباً لقيصر، كل من يجعل نفسه ملكاً يقاوم لقيصر) (٢).

ولما رأى إصرارهم على صلب المسيح دفعه إليهم قائلاً: إن لكم شريعة تحاكمون إليها أبناء شعبكم فخذوا ملككم واصلبوه وفق شريعتكم، فصرخوا قائلين اصلبه أنت أما نحن فـ"ليس لنا ملك إلا قيصر" (٣).

وأخيراً نجحت المكيدة، بل على الصحيح: هكذا ظن اليهود.


(١) (١٨:٣٤ - ٣٧).
(٢) يوحنا: (١٩/ ١٢).
(٣) يوحنا: (١٩/ ١٥).

<<  <   >  >>