للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الحديث: {إن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، والممد به}.

ومثلها الزراعة: {إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها}.

و {ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له بها صدقة}.

وهكذا كل نواحي الحياة الإنسانية للمؤمن، قال بعض السلف: [[والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي]].

وقد كتب أحد العلماء كتاباً أسماه البركة في فضل السعي والحركة أثبت فيه أن النية الحسنة تقلب حياة المؤمن كلها عبادة بجميع حركاتها وسكناتها، وأن الزراعة والصناعة والتجارة من فروض الكفايات (١).

وتطبيق هذه الحقيقة هو حقيقة الإخلاص - كما قال سهل التستري: "نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركاته وسكناته في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء" (٢).

وقد أدرك هذه الحقيقة القلائل الذين هداهم الله للإسلام بعد طول تمزق وضياع، يقول أحدهم (محمد أسد): "يختلف إدراك العبادة في الإسلام عما هو في كل دين آخر، إن


(١) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الوصابي (ت: (٧٨٢هـ).
(٢) مقدمة المجموع للنووي: (١/ ١٧).

<<  <   >  >>