فأجابوا عن هذا الإشكال بأن المكث في المسجد وقراءة القرآن صحيحة مع الإثم. فيقولون هو آثم ويحرم عليه أن يصنع ذلك لكن الخطبة صحيحة لأنه لا ارتباط بين الخطبة وبين أن يكون على طهارة.
قال الحنابلة: كمن يصلي وقد سرق درهماً وكان واضعاً له في جيبه صحت فصلاته صحيحة لأنه لا ارتباط بين هذا الدرهم المسروق وبين الصلاة كذلك هنا قالوا لا ارتباط بين أن يقرأ آيات أو يمكث في المسجد وهو جنب وبين الخطبة. فالخطبة أمر آخر.
= والقول الثاني: أنه تشترط الطهارة الصغرى والكبرى قياسياً على تكبيرة الإحرام لأنه يشترط لصحتها الطهارة الصغرى والكبرى.
هكذا قال الأحناف.
= والقول الثالث: أنه يشترط لصحة خطبة الجمعة الطهارة الكبرى دون الصغرى.
قال ابن قدامة رحمه الله: وهذا أشبه بأصول الإمام أحمد.
ويستثنى على هذا القول من توضأ لأن من توضأ جاز مكوثه في المسجد جاز مكوثه في المسجد.
والراجح مذهب الحنابلة لأنه لا تعلق بين الخطبة وبين أن يكون على طهارة ومكثه في المسجد وقراءة الآية هو آثم إذا صنع ذلك لكن الخطبة والصلاة بعد ذلك صحيحة.
على أنه تقدم معنا أن الجنب على القول الراجح أنه يجوز له أن يقرأ القرآن فسقط هذا الإشكال وبقي فقط مسألة المكث في المسجد فلو توضأ لسقد هذا الإشكال أيضاً.
•
ثم قال رحمه الله:
ولا أن يتولاهما من يتولى الصلاة.
لا يشترط في خطبة الجمعة أن لا يخطب إلا من سيصلي بل لو خطب شخص وصلى آخر صحت الصلاة والخطبة.
الدليل على ذلك:
- أن الخطبة والصلاة منفصلين. كما لو صلى صلاتين.
= والقول الثاني: أنه يشترط لصحة الخطبة أن لا يتولاها إلا من يتولى الصلاة.
- لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولى الخطبة والصلاة.
- والخلفاء كذلك.
والراجح مذهب الحنابلة. لأنه لا يظهر وجه واضح لا شتراط ذلك. إذا الانفصال بينهما تام.
فإذا خطب رجل ثم صلى آخر لكون الأول يحسن الخطبة والثاني يحسن الصلاة لكان هذا جائز.
وغاية ما نقول أنه خلاف السنة - ولا ينبغي أن يفعل إذا لم يحتج الإنسان إلى ذلك - لأن ظاهر السنة أن رجلاً واحداً يتولى الخطبة والصلاة.