للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه-: "وظاهر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (الرؤيا من اللَّه، والحلم من الشيطان) أن التي تضاف إلى اللَّه لا يُقال لها حُلم، والتي تضاف للشيطان لا يقال لها رؤيا، وهو تصرفٌ شرعي، وإلا فالكل يُسمى رؤيا" (١). اهـ.

والغالب استعمال الرؤيا في خصوص البشرى من اللَّه، مع أنها تُطلَق على عموم ما يراه النائم، قال رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: "الرؤيا ثلاث (٢): فالرؤيا الصالحة: بشرى من الله، ورؤيا: تحزين من الشيطان، ورؤيا: مما يُحَدِّثُ المرءُ نفسَه" الحديث (٣).

وفي حديث عوف بن مالك -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "إن الرؤيا ثلاث:

منها أهاويلُ من الشيطان ليحزنُ بها ابن آدم، ومنها ما يَهُمُّ به الرجلُ في يَقَظته،

فيراه في منامه، ومنها جزء من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوة" (٤).


= ٣٣٧)، و"تفسير الكشاف" (٢/ ٣٠٢)، والأحلام تُدعَى عند العرب "بناتِ الكرى" أي النعاس،
و"بنات الليل"، قال الشاعر في بخيل رأى في حلمه ضيفًا يطرق بابه، فقام إليه بالسيف ليطرده عنه:
أَرَتْهُ بُنيَّاتُ الكَرى شخصَ طارقٍ ... فقام إليها مُصْلَتًا بحسامِ
(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣٦٩).
(٢) وليس الحصر مرادًا من قوله: "ثلاث" لثبوت نوع رابع في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهو حديث النفس، وبقي نوع خامس وهو: تلاعب الشيطان، ففي صحيح مسلم: "إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يخبر به الناس"، وفي رواية: "لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام" (٤/ ١٧٧٦، ١٧٧٧)، ونوع سادس: وهو رؤية ما يعتاده الرائي في اليقظة، كمن كانت عادته أن يأكل في وقت، فنام فيه، فرأى أنه يأكل، أو بات طافحًا من أكل أو شرب -أي ملأ معدته حتى يكاد الطعام يفيض منها- فرأى أنه يتقيأ، وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص، وسابع: وهو الأضغاث - أفاده الحافظ بمعناه كما في "الفتح" (١٢/ ٤٠٧، ٤٠٨).
(٣) رواه البخاري (١٢/ ٤٠٤، ٤٠٥) (٧٠١٧)، ومسلم -واللفظ له- (٤/ ١٧٧٣) (٦)، وأبو داود (٤/ ٣٠٤)، (٥٠١٩)، والنسائي (٤/ ٣٩٠)، (٧٦٥٤)، والترمذي (٤/ ٤٦١) (٢٢٧٠)، وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه (٢/ ١٢٨٥) (٣٩٠٦)، والإمام أحمد (٢/ ٢٦٩، ٣٩٥، ٥٠٧).
(٤) أخرجه البخاري في "التاريخ" (٤/ ٢/ ٣٤٨)، وابن ماجه رقم (٣٩٠٧)، وغيرهما، وصححه الألباني رقم (١٨٧٠).

<<  <   >  >>