ولعل أشهرَ ما زَوَّرَهُ الكذَّابُونَ، وروَّجه الأفاكونَ -الوصيةُ المنحولة المنسوبة إلى الشيخ أحمد، حامل مفاتيح حرم رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيها يزعم أنه رأى رسول الله- صلى اللَّه عليه وسلم- في رؤيا، وأخبره بوصية يُبَلِّغُهَا أمته، وتحتوي هذه الوصية على سلسلةٍ من الوعود بالخير والبركة على من يكتب منها ثلاثين نسخة، وُيوَزِّعُهَا على معارفه، والتهديد بنزول النكبات والمصائب على من يهملها ولا يكتبها. ومن العجيب أن هذه الخرافة "مزمنة"، لا تكاد تخبو منذ أن ظهرت قبل عشرات السنين، فهي تعود إلى الانتشار من حين لآخر، متجاوزة حُدود التاريخ والجغرافيا، فمِن ثمَّ تعاقب العلماء على تناولها بالنقض والإبطال، ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه اللَّه- تعالى (ت ١٣٦٥ هـ)؛ حيث قال -رحمه اللَّه- في شأنها:
"إننا نتذكر أننا رأينا مثل هذه الوصية منذ كنا نتعلم الخط والتهجي إلى الآن مرارًا كثيرة، وكلها معزوة كهذه إلى رجل اسمه الشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية، والوصية مكذوبة قطعًا، لا يختلف في ذلك أحد شَمَّ رائحة العلم والدين، وإنما يصدقها البلداء من العوامِّ الأميين، ولا شك أن الواضع لها من العوامِّ الذين لم يتعلموا اللغة العربية؛ ولذلك وضعها بعبارة عامِّيَّة سخيفة، لا حاجة إلى بيان أغلاطها بالتفصيل؛ فهذا الأحمق المفتري ينسب هذا الكلام السخيف إلى أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويزعم أنه وجده بجانب الحجرة النبوية مكتوبًا بخط أخضر، يريد أن النبي الأمي هو الذي كتبه، ثم يتجرأ بعد هذا على تكفير من أنكره؛ فهذه المعصية هي أعظم من جميع المعاصي التي يقول: إنها فشت في الأمة، وهي الكذِبُ على الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتكفير علماء أمته، والعارفين بدينه، فإن كل واحد منهم يكذِّب واضع هذه الوصية بها، وقد قال المحدِّثون: إن قوله -صلى الله