للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إلهام الأنبياء وحي]

بَيَّن اللَّهُ -تعالى- مقامات وحيه إلى أنبيائه فقال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: ٥١].

[فالمقامات ثلاثة]

الأول: الإلقاء في روع الموحَى إليه، بحيث لا يمتري النبي في أن هذا الذي ألقي في قلبه من الله -تعالى-، كما في حديث: "إن روح القدس نفث في روعي" الحديث (١)، وهذا هو الإلهام، قال الزركشي: "من جملة طرق الوحي: الإلهام" (٢).

ومنه: رؤيا الأنبياء بلا شك، ولذلك بادر إبراهيم -عليه السلام- إلى ذبح ولده، قال تعالى في شأن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: ١٠٢ - ١٠٥].

وفي الحديث المتفق عليه قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:

"أول ما بدئ به رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة ي النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح" (٣).

[المقام الثاني: تكليم الله لرسله من وراء حجاب]

كما وقع لموسى -عليه السلام-، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا


(١) تقدم تخريجه آنفًا.
(٢) "البحر المحيط" (٦/ ١٠٥).
(٣) رواه الإمام أحمد (٦/ ٢٣٢، ٢٣٣)، والبخاري (٤٩٥٦)، (٦٩٨٢)، ومسلم (١٦٠) (٢٥٣)، غيرهم.

<<  <   >  >>