للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[* المناقشة]

١ - إن هذا الدليل لا يرد على محل النزاع؛ إذ لا تلازم بين إنكار رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقظة بعد موته في الدنيا وبين إنكار الكرامة، فقد أنكر رؤيةَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة بعد موته جمعٌ من العلماء المثبتين لكرامات الأولياء؛ كابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، والقرطبي، وابن العربي، والأهدل، وغيرهم.

٢ - إن رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة بعد موته في الدنيا ليست من باب الكرامة، وبيان ذلك:

ا- أن الكرامة هبة من الله -تَعَالَى- لمن يشاء من عباده الصالحين لا تُطْلبُ ابتداءً (١)، وهم يقولون بطلبها ابتداء.

ب- أن الكرامة لا تُدْرَك بالتعلم، وهم يقولون بأنها تدرك بالتعلم والكسب عن طريق كثرة الذكر والرياضة (٢).

قال الشيخ صنع اللَّه الحلبي الحنفي: "أما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من الكرامات فهو من المغالطة؛ لأن الكرامة شيء من عند اللَّه يكرم بها أولياءه، لا قصد لهم فيها، ولا تحديَ، ولا قدرة، ولا علم؛ كما في قصة مريم بنت عمران، وأسيد ين حضير، وأبي مسلم الخولاني" (٣). اهـ.

ج- أن الكرامة أمر خارق للعادة، لا يخالف النصوص الشرعية الثابتة بالكتاب والسنَّة، ورؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقظة بعد موته في الدنيا معارضة لنص شرعي (٤)، كما أنها مستحيلة عقلًا (٥).


(١) "مجموع الفتاوى" (١١/ ٣٦٠).
(٢) "بغية المستفيد" ص (٧٩، ٨٠).
(٣) انظر: "تيسير العزيز الحميد" ص (١٩٨).
(٤) هو قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠]، وانظر ص (١٣٧، ١٣٨).
(٥) انظر ص (١٣٩).

<<  <   >  >>