للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه: حول معنى كون الرؤيا جزءًا من النبوة:

معنى كون الرؤيا الصادقة أو الصالحة جزءًا من أجزاء النبوة: أنها شابهتها، أو شاركتها في الصلاح، والإخبار عن أمرٍ غيبي مستقبل (١).

ولا يُفهم من هذا أن رؤيا الكافر إذا كانت صادقة -كرؤيا الملك التي فسرها له يوسف -عليه السلام-، وكذلك رؤيا صاحبيه في السجن- أنَّها تكون من أجزاء النبوة، فإن أكثر الروايات جاءت مقيدة بالمسلم أو المؤمن.

ثم إنه ليس كل من صدق في حديث عن غيب كان ذلك من أجزاء النبوة، أو كان ذلك دليلًا على صلاحه واستقامته، وإلا لكان الكهان كذلك؟!

قال أبو العباس القرطبي: والرؤيا لا تكون من أجزاء النبوة إلا إذا وقعت من مسلم صادق صالح، وهو الذي يُناسب حاله حال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأُكرِم بنوع مما أُكرم به الأنبياء، وهو الاطِّلاع على شيء من علم الغيب، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصادقة في النوم، يراها الرجل الصالح أو تُرى له" (٢).

فإن الكافر والكاذب والمخلِّط -وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات- لا تكون من الوحي ولا من النبوة، إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة، وقد قدمنا أن الكاهن يُخبر بكلمة الحق وكذلك المنجم قد يحدِس فيصدق، لكن على الندور والقلِّة" (٣).

* * *


(١) انظر: "المُعْلِم" (٣/ ١١٨)، و"عارضة الأحوذي" (٩/ ١٩١)، و"كشف المشكل" (٢/ ٧٦)،
و"معالم السنن" (٤/ ١٢٩)، و"فتح الباري" (١٢/ ٣٦٣).
(٢) راجع تخريجه ص (١٨).
(٣) "المفهم" (٦/ ١٣)، وانظر: "عارضة الأحوذي" (٩/ ٩٢)، و"طرح التثريب" (٨/ ٢٠٧، ٢٠٨).

<<  <   >  >>