للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَمَاذِجُ مِن الاستِغلَالِ السَّيِّئ لِمَا يزُعَمُ مِن رُؤيَةِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المَنَامِ

وإن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قول الشعراني في "مختصره لتذكرة القرطبي":

فقد حكى اختلافَ الناس في موضع رأس الحسين -رضي اللَّه عنه- وحكى قول القرطبي: إن أصح ما قِيلَ فيه: إنَّهُ دُفِنَ بالبقيع عند قبر أمه، فاطمة -رَضِيَ اللَّهُ عنهما- ثم قال: "وبه قال الزبير بن بَكَّار الذي هو أعلم بالأنساب، قال القرطبي -رحمه اللَّه-تعالي-: وما ذُكر أنه في عسقلان في مشهد هناك، أو بالقاهرة، فشيء باطل لا يصح، ولا يثبت" (١).

ثم قال الشعراني: (ومما وقع لي أنني قلت لسيدي الشيخ شهاب الدين بن شلبي الحنفي مفتي المسلمين -رضي اللَّه عنه-:

"أترى أن تزور معنا رأس الحسين في المشهد بخان الخليلي؟ فقال: إنه لم يثبت كون الرأس هناك" (٢)، قلت له: "نزوره بالنية على تقدير صحة ذلك"، فقال: "نعم"، فلما دخلنا مقصورته بالمشهد، قلت للشيخ: "اجلس مراقبًا بقلبك للرأس"، فجلس متخيلًا لها في ذهنه، فحصل له ثِقَلُ رأسٍ، فنام، فرأى نقيبًا مشدود الوسط، قد خرج من القبر، فما زال بصره يتبعه حتى دخل مقصورة


(١) "التذكرة" ص (٦٦٧، ٦٦٨).
(٢) وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "بل المشهد المنسوب إلى الحسين بن علي -رضي الله عنهما- الذي بالقاهرة كذب مختلق، بلا نزاع بين العلماء المعروفين عند أهل العلم، الذين يرجع إليهم المسلمون في مثل ذلك لعلمهم وصدقهم". اهـ. من "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٤٥١)، وقال أيضًا: "فأصل هذا المشهد القاهري: هو ذلك المشهد العسقلاني، وذلك العقسلاني مُحدث بعد مقتل الحسين بأكثر من أربعمائة وثلاثين سنة، وهذا القاهري محدث بعد مقتله بقريب من خمسمائة سنة، وهذا مما لم يتنازع فيه اثنان ممن تكلم في هذا الباب من أهل العلم، وهذا بينهم مشهور متواتر". اهـ. "نفسه" (٢٧/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>