للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما أكرم اللَّه الصادقين بكرامة أعظم من هذا الكشف، وجعلهم منقادين له، عاملين بمقتضاه، فإذا انضم هذا الكشف إلى كشف تلك الحجب المتقدمة عن قلوبهم: سارت القلوب إلى ربها سير الغيث إذا استدبرته الريح" (١).

وقال -رحمه الله- أيضًا:

"فالكشف الصحيح: أن يَعْرِفَ الحق الذي بعَثَ اللَّه به رُسُلَهُ، وأنزل به كُتُبهُ، معاينة لقلبه، ويجرد إرادة القلب له، فيدور معه وُجُودًا وعَدَمًا، هذا هو التحقيق الصحيح، وما خالفه فغرور قبيح" (٢) اهـ.

[فائدة]

قال الشيخ العلَّامة محمد حبيب الله الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:

(وإنما لم تظهر كرامات الصحابة كثيرًا مثل ما وقع لأكابر هذه الأمة بعدهم، لكون كرامتهم كانت بالاستقامة، والإعراض عن درجات الدنيا زهدًا فيها، تأسيًا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لتزداد درجاتهم في الآخرة، لأنهم كانوا على مشربه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الإعراض عن الدنيا، وظهور الكرامات فيها من جملة ما يَستلِذُّ به من وقعت له، فلربما يشغله ذلك عن الدار الآخرة، وقد أشار صاحب نظم "عمود النسب" لكون كرامات الصحابة كانت بالاستقامة غالبًا بقوله:

لا يتشوَّفون للكرامَهْ ... بالكشف بل لنيل الاستقامَهْ

وَقَلَّ مَن بالكشفِ منهم اشتَهَرْ ... وبعدهم على الخلائق ابْذَعَر

وقد أشار بقوله: "وبعدهم على الخلائق ابذعر" إلى أن الكشف انتشر وكثر بعد الصحابة -رضي الله عنهم- وكذا سائر الكرامات غيره) (٣) اهـ.


(١) "مدارج السالكين" (٣/ ٢٢٧، ٢٢٨).
(٢) "نفسه" (٣/ ٢٢٦).
(٣) "فتح المنعم مع زاد المسلم" (٢/ ٤٢).

<<  <   >  >>