(ما أجمل الحادثة التي يذكرها المترجمون عن الإمام "عبد القادر الجيلاني" -رحمه اللَّه- أنه كان نائمًا، فرأي نارًا عظيمة تتصاعد، ثم سمع منها صوتًا يقول له: يا عبد القادر .. أنا ربك .. وقد أحللتُ لك ما حرمت عليك". فقال الشيخ عبد القادر وهو في المنام:
- "اخسأ يا عدو اللَّه! ".
وعرف أن الشيطان عرض له ليصده عن دينه؛ لأن الحرام لا يكون حلالًا أبدًا، كما أن النجاسة لا تكون طهارة أبدًا، فلا يتحول المحرَّم بشريعة اللَّه إلى حلال؛ لأن رجلًا رأى في النوم من يُحِلّهُ له.
وإذا كُنَّا لا نقبل ونحن في اليقظة بكامل عقولنا وقوانا، من يُحَلِّلُ لنا الحرام، أو يُحَرِّمُ عَلَيْنَا الحلال .. فكيف نقبل ذلك في النوم حين يغيب إدراك الإنسان، ولا يعي ما حوله؟
إن الاشتغال بهذه الرؤى العابثة هو شأن الفارغين، فإذا فقد الناس العلم الصحيح، والتوجيه السليم، اتجهوا لمثل هذه الخرافات، يروون بها ظمأهم، وحاجتهم إلى الدين، ولذلك فإن لهذه الرؤى دلالة واضحة على مستوى الوعي، والفهم في المجتمع، خاصَّة في مجال "المرأة".
وليس الحل هو أن يَهُبَّ العلماء إذا سمعوا مثل هذه الأسطورة؛ ليبينوا كذبها، هذا -ولا شك- مطلوب، ولكن يَجِبُ أن نسبق الأحداث ونبذل جهودًا كافية لملء عقل المرأة والرجل بالعلم الصحيح، والعاطفة الحية .. فالوقاية خير من العلاج.
لعل من الملاحظ أن بعض "القُصَّاص" والوُعَّاظ يسردون كثيرًا من الأحلام في أحاديثهم، في الترغيب والترهيب .. وربما كان هذا المنهج، منهج المبالغة